وفيه : أنّ عدم دلالة أدلة الاستصحاب على التعبد بالآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العقلية أو العادية وإن كان مسلّماً ، إلاّأنّ دلالة أدلة حجية الخبر على حجيته حتى بالنسبة إلى اللازم غير مسلّم ، لأنّ الأدلة تدل على حجية الخبر ـ والخبر والحكاية من العناوين القصدية ـ فلا يكون الاخبار عن الشيء إخباراً عن لازمه ، إلاّإذا كان اللازم لازماً بالمعنى الأخص ، وهو الذي لا ينفك تصوّره عن تصور الملزوم ، أو كان لازماً بالمعنى الأعم مع كون المخبر ملتفتاً إلى الملازمة ، فحينئذ يكون الاخبار عن الشيء إخباراً عن لازمه.
بخلاف ما إذا كان اللازم لازماً بالمعنى الأعم ولم يكن المخبر ملتفتاً إلى الملازمة ، أو كان منكراً لها ، فلا يكون الاخبار عن الشيء إخباراً عن لازمه ، فلا يكون الخبر حجةً في مثل هذا اللازم ، لعدم كونه خبراً بالنسبة إليه ، فاذا أخبر أحد عن ملاقاة يد زيد للماء القليل مثلاً ، مع كون زيد كافراً في الواقع ، ولكنّ المخبر عن الملاقاة منكر لكفره ، فهو مخبر عن الملزوم وهو الملاقاة ، ولا يكون مخبراً عن اللازم وهو نجاسة الماء ، لما ذكرناه من أنّ الاخبار من العناوين القصدية ، فلا يصدق إلاّمع الالتفات والقصد ، ولذا ذكرنا في محلّه (١) وفاقاً للفقهاء أنّ الاخبار عن شيء يستلزم تكذيب النبي أو الإمام عليهمالسلام لا يكون كفراً إلاّمع التفات المخبر بالملازمة.
وبالجملة : إنّ ما أفاده قدسسره في وجه عدم حجية المثبت في باب الاستصحاب متين ، إلاّأنّ ما ذكره في وجه حجيته في باب الأمارات من أنّ الاخبار عن الملزوم إخبار عن لازمه فتشمله أدلة حجية الخبر غير سديد ، لما عرفت.
__________________
(١) شرح العروة ٣ : ٥٣.