بدعوى أنّ التفكيك بين العلة والمعلول في التعبد مما لا يمكن عرفاً ، وكذا التفكيك بين المتضايفين ، فاذا دلّ دليل على التعبد بابوّة زيد لعمرو مثلاً ، فيدل على التعبد ببنوّة عمرو لزيد ، فكما يترتب أثر ابوّة زيد لعمرو كوجوب الانفاق لعمرو مثلاً ، كذا يترتب أثر بنوّة عمرو لزيد كوجوب إطاعة زيد مثلاً ، لأنّه كما يجب على الأب الانفاق للابن ، كذلك يجب على الابن إطاعة الأب ، والأوّل أثر للُابوّة ، والثاني أثر للبنوّة مثلاً ، أو نقول : إنّ أثر البنوّة أثر للُابوّة أيضاً ، لوضوح الملازمة بينهما ، فكما يصح انتساب وجوب الاطاعة إلى البنوّة ، كذا يصح انتسابه إلى الابوّة أيضاً. وكذا الكلام في الاخوّة ، فاذا دلّ دليل على التعبد بكون زيد أخاً لهند مثلاً ، فيدل على التعبد بكون هند اختاً لزيد ، لعدم إمكان التفكيك بينهما في التعبد عرفاً ، أو نقول يصح انتساب الأثر إلى كل منهما لشدة الملازمة بينهما ، فكما يصح انتساب حرمة التزويج إلى كون زيد أخاً لهند ، كذا يصح انتسابها إلى كون هند اختاً لزيد ، وهكذا سائر المتضايفات.
أقول : أمّا ما ذكره الشيخ قدسسره من كون الأصل المثبت حجةً مع خفاء الواسطة لكون الأثر مستنداً إلى ذي الواسطة بالمسامحة العرفية ، ففيه : أنّه لا مساغ للأخذ بهذه المسامحة ، فانّ الرجوع إلى العرف إنّما هو لتعيين مفهوم اللفظ عند الشك فيه أو في ضيقه وسعته مع العلم بأصله في الجملة ، لأن موضوع الحجية هو الظهور العرفي ، فالمرجع الوحيد في تعيين الظاهر هو العرف ، سواء كان الظهور من جهة الوضع أو من جهة القرينة المقالية والحالية ، ولا يجوز الرجوع إلى العرف والأخذ بمسامحاتهم بعد تعيين المفهوم وتشخيص الظهور اللفظي ، كما هو المسلّم في مسألة الكر فانّه بعد ما دلّ الدليل على عدم انفعال الماء إذا كان بقدر الكر الذي هو ألف ومائتا رطل ، ولكنّ العرف يطلقونه