على أقل من ذلك بقليل من باب المسامحة ، فانّه لا يجوز الأخذ بها والحكم بعدم انفعال الأقل ، بل يحكم بنجاسته.
وكذا في مسألة الزكاة بعد تعيين النصاب شرعاً بمقتضى الفهم العرفي من الدليل لا يمكن الأخذ بالمسامحة العرفية ، ففي مثل استصحاب عدم الحاجب إن كان العرف يستظهر من الأدلة أنّ صحة الغسل من آثار عدم الحاجب مع صب الماء على البدن ، فلا يكون هذا استثناءً من عدم حجية الأصل المثبت ، لكون الأثر حينئذ أثراً لنفس المستصحب لا للازمه ، وإن كان العرف معترفاً بأنّ المستظهر منها أنّ الأثر أثر للواسطة ـ كما هو الصحيح ـ فان رفع الحدث وصحة الغسل من آثار تحقق الغسل لا من آثار عدم الحاجب عند صب الماء ، فلا فائدة في خفاء الواسطة بعد عدم كون الأثر أثراً للمستصحب ، فهذا الاستثناء مما لا يرجع إلى محصّل.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من حجية الأصل المثبت فيما إذا لم يمكن التفكيك في التعبد بين المستصحب ولازمه عرفاً ، أو كانت الواسطة بنحو يعدّ أثرها أثراً للمستصحب لشدة الملازمة بينهما ، فصحيح من حيث الكبرى ، فانّه لو ثبتت الملازمة في التعبد في موردٍ ، فلا إشكال في الأخذ بها ، إلاّ أنّ الاشكال في الصغرى ، لعدم ثبوت هذه الملازمة في موردٍ من الموارد ، وما ذكره في المتضايفات من الملازمة في التعبد مسلّم إلاّأ نّه خارج عن محل الكلام ، إذ الكلام فيما إذا كان الملزوم فقط مورداً للتعبد ومتعلقاً لليقين والشك ، كما ذكرنا في أوّل هذا التنبيه (١) ، والمتضايفان كلاهما مورد للتعبد الاستصحابي ، فانّه لا يمكن اليقين بابوّة زيد لعمرو بلا يقين ببنوّة عمرو لزيد ، وكذا سائر المتضايفات ، فيجري الاستصحاب في نفس اللازم بلا احتياج إلى القول بالأصل المثبت. هذا إن كان مراده عنوان المتضايفين كما هو الظاهر.
__________________
(١) في ص ١٨١.