الأثر المترتب عليه بين أن يكون ثبوت التكليف ووجوده أو نفيه وعدمه ، فجريان الاستصحاب ليس منوطاً بكون المستصحب أو أثره وجودياً ، بل منوط بكون المستصحب أو أثره قابلاً للتعبد وأن يكون ثبوته ونفيه بيد الشارع ، ومن المعلوم أنّ نفي التكليف قابل للتعبد كثبوته ، إذ نفي التكليف وثبوته بيد الشارع ، لاستواء القدرة بالنسبة إلى طرفي الوجود والعدم. ثمّ فرّع على ذلك الاشكال على شيخنا الأنصاري قدسسره فيما ذكره في أواخر البراءة (١) من منع الاستدلال على البراءة باستصحابها وباستصحاب عدم المنع.
أقول : أمّا ما ذكره من عدم الفرق بين كون الأثر وجودياً أو عدمياً فصحيح ، وقد ذكرنا أنّ ما هو المعروف من اعتبار كون المستصحب حكماً شرعياً أو موضوعاً ذا أثر شرعي مما لا أساس له ، بل المعتبر في الاستصحاب كون المستصحب قابلاً للتعبد الشرعي ، بلا فرق بين كونه وجودياً أو عدمياً ، فانّ نفي التكليف بيد الشارع وقابل للتعبد به كثبوته.
وأمّا ما ذكره من الاشكال على الشيخ قدسسره فغير وارد ، لأن منع الشيخ قدسسره عن الاستدلال بالاستصحاب للبراءة ليس مبنياً على عدم جريان الاستصحاب في العدمي ، كيف وقد ذكر في أوائل الاستصحاب في جملة الأقوال القول بالتفصيل بين الوجودي والعدمي ، وردّه بعدم الفرق بينهما من حيث شمول أدلة الاستصحاب لهما (٢).
بل منعه قدسسره عن استصحاب البراءة مبني على ما ذكره هناك من أنّه بعد جريان الاستصحاب إمّا أن يحتمل العقاب ، وإمّا أن لا يحتمل لكون الاستصحاب موجباً للقطع بعدم استحقاقه ، وعلى الأوّل فلابدّ في الحكم بالبراءة
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٧٨.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٦٠ و ٥٨٨.