الوجود بمفاد كان الناقصة متعلقاً لليقين والشك ، فانّه لم يكن لنا علم باتصاف أحدهما بالسبق على الآخر ولا بعدم اتصافه به حتى يكون مورداً للاستصحاب. وهذا الكلام مخالف لما ذكره في بحث العام والخاص (١) من أنّه إذا ورد عموم بأنّ النساء تحيض إلى خمسين عاماً إلاّالقرشية ، وشككنا في كون امرأة قرشية ، فلا يصح التمسك بالعموم المذكور ، لكون الشبهة مصداقية ، إلاّأ نّه لا مانع من إدخالها في العموم للاستصحاب ، فنقول : الأصل عدم اتصافها بالقرشية ، لأنّها لم تتصف بهذه الصفة حين لم تكن موجودة ، ونشك في اتصافها بها الآن والأصل عدم اتصافها بها. هذا ملخص كلامه في مبحث العام والخاص ، وهو الصحيح على ما شيدناه في ذلك المبحث (٢) ، خلافاً للمحقق النائيني (٣) قدسسره فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام.
فنقول : الأصل عدم اتصاف هذا الحادث بالتقدم على الحادث الآخر ، لأنّه لم يتصف بالتقدم حين لم يكن موجوداً فالآن كما كان ، ولا يعتبر في استصحاب عدم الاتصاف بالسبق وجوده في زمان مع عدم الاتصاف به ، بل يكفي عدم اتصافه به حين لم يكن موجوداً ، فانّ اتصافه به يحتاج إلى وجوده ، وأمّا عدم اتصافه به فلا يحتاج إلى وجوده ، بل يكفيه عدم وجوده ، فانّ ثبوت شيء لشيء وإن كان فرع ثبوت المثبت له ، إلاّأنّ نفي شيء عن شيء لا يحتاج إلى وجود المنفي عنه ، وهذا معنى قولهم : إنّ القضية السالبة لا تحتاج إلى وجود الموضوع.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢٣.
(٢) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٦٠ وما بعدها.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٨ وما بعدها ، فوائد الاصول ٢ : ٥٣٠ وما بعدها.