فتحصّل مما ذكرناه : جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضاً ، ويجري فيه ما ذكرناه في القسم الأوّل من عدم المعارضة إلاّمع العلم الاجمالي ، فلا حاجة إلى الاعادة.
وإن كان الأثر لعدم أحدهما في زمان الآخر ، فتارةً يكون الأثر للعدم بمفاد ليس التامة الذي يعبّر عنه بالعدم المحمولي. واخرى للعدم بمفاد ليس الناقصة المعبّر عنه بالعدم النعتي ، فان كان الأثر للعدم النعتي ، لا يجري الاستصحاب فيه على مسلك صاحب الكفاية (١) قدسسره لعدم اليقين بوجود هذا الحادث متصفاً بالعدم في زمان حدوث الآخر ، ومن الظاهر أنّ القضية إذا كانت معدولة ، فلا بدّ فيها من فرض وجود الموضوع ، بخلاف القضية السالبة كقولنا : زيد ليس بقائم ، فانّ صدقها غير متوقف على وجود الموضوع ، لأنّ مفاد القضية السالبة سلب الربط ، فلا يحتاج إلى وجود الموضوع. وأمّا معدولة المحمول فبما أنّ مفادها ربط السلب ، لزم فيه وجود الموضوع لا محالة ، هذا توضيح مراده قدسسره.
والانصاف أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضاً ، فانّه وإن لم يمكن ترتيب آثار الاتصاف بعدم وصف باستصحاب عدم ذلك الوصف ، لأ نّه لا يثبت به العدم المأخوذ نعتاً ، إلاّأ نّه يمكن ترتيب عدم الاتصاف بذلك الوصف باجراء الاستصحاب في عدم الاتصاف ، فانّ الاتصاف مسبوق بالعدم كما مرّ ، فحال القسم الثالث حال القسم الثاني في جريان الاستصحاب.
وأمّا إن كان الأثر لعدم أحدهما في زمان الآخر بنحو مفاد ليس التامة المعبّر عنه بالعدم المحمولي ، فيجري فيه الاستصحاب في نفسه على مسلك شيخنا
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٢٠.