انفصال زمان الشك عن زمان اليقين لا مجال للتمسك بدليل حجية الاستصحاب ، لما عرفت من أنّ الشبهة مصداقية ، هذا ملخص ما ذكره في الكفاية متناً وهامشاً.
والانصاف أنّه لا يرجع إلى محصّل ، لما عرفت سابقاً (١) من أنّه لا يعتبر في الاستصحاب سبق اليقين على الشك ، لصحة جريان الاستصحاب مع حدوثهما معاً ، وإنّما المعتبر تقدم زمان المتيقن على زمان المشكوك فيه ، بأن يكون المتيقن هو الحدوث والمشكوك فيه هو البقاء. وما يستفاد من ظاهر قوله عليهالسلام : «لأ نّك كنت على يقين من طهارتك فشككت» من حدوث الشك بعد اليقين ، فهو ناظر إلى غلبة الوقوع في الخارج ، لا أنّه معتبر في الاستصحاب. نعم ، فيما إذا كان الشك حادثاً بعد اليقين يعتبر في جريان الاستصحاب فيه اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، بمعنى عدم تخلل يقين آخر بينهما كما في المثال المتقدم ، وإلاّ لم يصدق نقض اليقين بالشك ، بل يصدق نقض اليقين باليقين ، وعليه فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام ، فانّه بعد اليقين بعدم إسلام الولد يوم الخميس نشك في بقائه إلى زمان موت والده ، ولم يتخلل بين اليقين والشك يقين آخر حتى يكون فاصلاً بين اليقين الأوّل والشك.
ولاتتصور الشبهة المصداقية في الامور الوجدانية من اليقين والشك وغيرهما من الادراكات ، فانّه لا معنى للشك في أنّ له يقين أم لا ، أو في أنّ له شك أم لا. نعم ، الشبهة المصداقية متصورة في الامور الخارجية ، كعدالة زيد وفسق عمرو مثلاً ، فلا معنى للشك في أنّ زمان الشك هل هو يوم الجمعة حتى يكون متصلاً بزمان اليقين ، أو يوم السبت فيكون منفصلاً عنه ، بل الشك في حدوث الاسلام
__________________
(١) في ص ٨.