بل يكفي حدوثهما معاً ، فمع فرض اليقين الفعلي بحدوث العدالة والشك في بقائها لا يمنع من جريان الاستصحاب احتمال وجود اليقين بفسقه سابقاً ، بل لا يقدح في الاستصحاب اليقين بوجود اليقين بفسقه ، مع احتمال كون اليقين بالفسق مخالفاً للواقع ، فضلاً عن احتمال اليقين بفسقه. فاذا علمنا يوم الجمعة بعدالة زيد ، ثمّ علمنا بفسقه يوم السبت ، ثمّ تبدل اليقين بفسقه بالشك الساري فيه يوم الأحد ، فيوم الأحد نعلم بحدوث عدالته يوم الجمعة ونشك في بقائها الآن ، لاحتمال كون اليقين بفسقه يوم السبت مخالفاً للواقع ، فباعتبار هذا اليقين الفعلي يوم الأحد بحدوث العدالة يوم الجمعة والشك في بقائها يجري الاستصحاب. ولا يقدح فيه اليقين بالفسق بعد تبدله بالشك الساري ، فكيف باحتمال اليقين بالفسق.
مضافاً إلى أنّه لو كان احتمال اليقين مانعاً عن جريان الاستصحاب ، لمنع منه في كثير من الموارد التي لا يلتزم بعدم جريان الاستصحاب فيها أحد ، وهي الموارد التي يكون ارتفاع المتيقن السابق فيها مستلزماً للعلم بالارتفاع ، فيكون احتمال الارتفاع ملازماً لاحتمال العلم بالارتفاع ، كما إذا كان زيد محدثاً وشك في الطهارة من الوضوء أو الغسل ، فانّ احتمال ارتفاع الحدث بالوضوء أو الغسل ملازم لاحتمال العلم ، لأنّ الوضوء والغسل من الامور العبادية التي لا يمكن تحققها إلاّمع العلم والالتفات ، فلا بدّ من القول بعدم جريان الاستصحاب على المبنى المذكور ، لاحتمال العلم بالانتقاض ، ولا يلتزم به أحد.
ثانيهما : ما ذكره المحقق النائيني رداً على السيد قدسسره في العروة وبيانه : أنّ السيد قدسسره ذكر في العروة (١) أنّه إذا علمنا بنجاسة إناءين
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ١١٥ / فصل في طرق ثبوت التطهير ، المسألة ٢ [٣٩٤].