مثلاً ، ثمّ علمنا بطهارة أحدهما ، فيتصور ذلك بصور ثلاث : الاولى : أن نعلم بطهارة أحدهما علماً تفصيلياً ، فاشتبه الطاهر المعلوم بالتفصيل بغيره. الثانية : أن نعلم بطهارة أحدهما لا بعينه بحيث لا يكون للطاهر تعيّن وامتياز بوجه من الوجوه ، بل يمكن أن لايكون له في الواقع أيضاً تعيّن ، كما إذا كان كلاهما طاهراً في الواقع. الثالثة : أن نعلم بطهارة أحدهما بعنوان معيّن ونشك في انطباقه ، كما إذا علمنا بطهارة إناء زيد وشككنا في انطباق هذا العنوان على هذا الاناء أو ذاك.
وحكم السيد قدسسره بنجاسة الاناءين في جميع هذه الصور الثلاث عملاً بالاستصحاب.
وردّ عليه المحقق النائيني (١) قدسسره واختار عدم جريان الاستصحاب في جميعها ، لكن لا بمناط واحد ، بل حكم بعدم جريانه في الصورة الاولى والثالثة ، لكون الشبهة مصداقية ، فانّا نعلم بانتقاض اليقين بالنجاسة باليقين بالطهارة بالنسبة إلى أحد الاناءين ، إمّا باليقين التفصيلي ـ كما في الصورة الاولى ـ وإمّا باليقين المتعلق بعنوان معيّن شككنا في انطباقه ـ كما في الصورة الثالثة ـ فلا مجال لجريان الاستصحاب في شيء من الاناءين ، لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون هو الاناء الذي انتقض العلم بنجاسته بالعلم بطهارته.
وأمّا الصورة الثانية : فحكمه بعدم جريان الاستصحاب فيها ليس مبنياً على احتمال انفصال زمان الشك عن زمان اليقين بيقين آخر ـ كما في الصورة الاولى والثالثة ـ فانّ الشك في بقاء النجاسة في كل منهما متصل باليقين بالنجاسة ، ولم يتخلل بين زمان اليقين وزمان الشك يقين آخر ، والعلم الاجمالي بطهارة أحدهما
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٥٢ ـ ١٥٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٥١٣ ـ ٥١٥.