لا بعينه يكون منشأ للشك في بقاء النجاسة في كل منهما ، بخلاف الصورة الاولى والثالثة ، فان منشأ الشك في بقاء النجاسة فيهما هو اجتماع الاناءين واشتباه الطاهر بالنجس لا العلم بطهارة أحدهما ، فان متعلق العلم كان معلوماً بالتفصيل أو بالعنوان.
فحكمه بعدم جريان الاستصحاب في الصورة الثانية مبني على أنّ العلم الاجمالي بنفسه مانع عن جريان الاستصحاب ولو لم تلزم منه مخالفة عملية قطعية ، كما اختاره الشيخ خلافاً لصاحب الكفاية قدسسره. هذا ملخص مرام المحقق النائيني قدسسره في المقام.
أقول : أمّا ما ذكره في الصورة الثانية من أنّ العلم الاجمالي بنفسه مانع عن جريان الاستصحاب ـ ولو لم تلزم منه مخالفة عملية ـ فهو وإن كان خارجاً عن محل الكلام فعلاً ، لأنّ الكلام في بيان الشبهة المصداقية المانعة عن جريان الاستصحاب ، إلاّأنّ الصحيح ما ذكره صاحب الكفاية من أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي ما لم تلزم منه مخالفة عملية ، فان مؤدى الاستصحاب هو الحكم بنجاسة كل من الطرفين بخصوصه ، وليس لنا علم بطهارة كل منهما بخصوصه. والمثبت منه لا يكون حجة حتى على القول بكونه من الأمارات ـ كما هو المختار ـ فلا يكون مفاد استصحاب النجاسة في أحدهما بخصوصه هو الطهارة في الطرف الآخر حتى يكون معارضاً لاستصحاب النجاسة في الطرف الآخر ، وسنتعرض لتفصيل ذلك في أواخر بحث الاستصحاب (١) إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) فى ص ٣٠٥ ٣٠٩.