يكون له دخل في فعلية التأثير وإن لم يكن هو منشأً للأثر ، والمانع عبارة عما يزاحم المؤثر في التأثير ويمنعه عنه ، فالنار سبب للاحراق ، ومماستها شرط لكونها دخيلةً في فعلية الاحراق ، والرطوبة مانعة عنه.
وهذا المعنى ليس مراد الشيخ قدسسره قطعاً ، لأنّه قائل بجريان الاستصحاب في العدميات (١) والعدم لا مقتضي له. وأيضاً هو قائل به في الأحكام الشرعية (٢) ، ولا يكون لها مقتضٍ تكويني ، فانّ الأحكام عبارة عن اعتبارات وضعها ورفعها بيد الشارع.
الثاني : أن يكون مراد الشيخ قدسسره من المقتضي هو الموضوع ، فانّه ثبت اصطلاح من الفقهاء بالتعبير عن الموضوع بالمقتضي ، وعن كل قيد اعتبر وجوده في الموضوع بالشرط في باب التكليف ، وبالسبب في باب الوضع ، وعن كل قيد اعتبر عدمه في الموضوع بالمانع ، فيقولون إنّ المقتضي لوجوب الحج هو المكلف والاستطاعة شرط لوجوبه ، هذا في باب التكليف. وفي باب الوضع يقولون إنّ البيع وموت المورّث سببٌ للملكية ، وكذا يقولون إنّ الحيض مانع عن وجوب الصلاة ، وتعبيرهم عن القيد الوجودي بالشرط في باب التكليف وبالسبب في باب الوضع مجرد اصطلاح لا نعرف له وجهاً ومأخذاً ، لعدم الفرق بينهما أصلاً كما ترى ، ولا نعرف مبدأ هذا الاصطلاح. وبالجملة : يحتمل أن يكون مراد الشيخ قدسسره من المقتضي هو الموضوع ، ففي موارد الشك في وجود الموضوع لا يجري الاستصحاب ، وفي موارد الشك في رافع الحكم مع العلم بوجود الموضوع لا مانع من جريانه.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٨٨.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٩٥ وما بعدها.