ولا يمكن أن يكون هذا المعنى أيضاً مراد الشيخ قدسسره لأنّه وإن كان صحيحاً في نفسه ، إذ لا بدّ في جريان الاستصحاب من إحراز الموضوع كما سنذكره (١) إن شاء الله تعالى ، إلاّأ نّه لا يكون تفصيلاً في حجية الاستصحاب ، فان إثبات الحكم لموضوع مع العلم بكونه غير الموضوع الذي كان الحكم ثابتاً له قياس لا تقول به الإمامية ، ومع احتمال كونه غيره احتمال للقياس ، فلا مجال للأخذ بالاستصحاب إلاّمع إحراز الموضوع حتى يصدق في تركه نقض اليقين بالشك ، فانّه إنّما يصدق فيما كانت القضية المتيقنة والمشكوكة متحدة. والشيخ أيضاً يصرّح في مواضع من كلامه بأنّ الاستصحاب لا يجري إلاّمع إحراز الموضوع (٢) ومع ذلك يقول بالتفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع ، فلا يمكن أن يكون مراده من المقتضي هو الموضوع.
الثالث : أن يكون مراده من المقتضي هو ملاكات الأحكام من المصالح والمفاسد ، ففي موارد الشك في بقاء الملاك لا يجري الاستصحاب ، وفي موارد الشك في وجود ما يزاحم الملاك في التأثير المسمى بالرافع لا مانع من جريان الاستصحاب.
ولا يكون هذا المعنى أيضاً مراد الشيخ قدسسره لأنّه قائل بالاستصحاب في الموضوعات الخارجية (٣) ، ولا يتصور لها ملاك حتى يقال بالاستصحاب مع العلم ببقائه ، بل هذا المعنى من التفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع سدٌّ لباب الاستصحاب ، لعدم العلم ببقاء الملاك لغير علاّم الغيوب إلاّفي بعض
__________________
(١) في التنبيه الخامس عشر من تنبيهات الاستصحاب ص ٢٧١ وما بعدها.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٦٩١.
(٣) فرائد الاصول ٢ : ٥٩٢ ـ ٥٩٤.