موارد نادرة لأدلة خاصّة. والشيخ يقول باستصحاب الملكية في المعاطاة بعد رجوع أحد المتعاملين ، ويصرّح بكون الشك فيه شكاً في الرافع (١) ، وينكر الاستصحاب في بقاء الخيار في خيار الغبن لكون الشك فيه شكاً في المقتضي (٢) ، فمن أين علم الشيخ قدسسره ببقاء الملاك في الأوّل دون الثاني ، فهذا المعنى ليس مراده قطعاً.
ولعلّ السيد الطباطبائي قدسسره حمل المقتضي على هذا المعنى ، حيث ردّ استصحاب الملكية في المعاطاة بأ نّه من موارد الشك في المقتضي لعدم العلم ببقاء الملاك (٣) ، مضافاً إلى أنّ التفصيل بين الشك في المقتضي بمعنى الملاك في الأحكام التكليفية إنّما يتصور على ما هو المشهور من مذهب الامامية من كونها تابعةً للمصالح والمفاسد التي تكون في متعلقاتها ، وأمّا على القول بكونها تابعةً للمصالح التي تكون في نفس الأحكام التكليفية ، كالأحكام الوضعية التي تكون تابعةً للمصلحة في نفس الجعل والاعتبار ، كالملكية والزوجية دون المتعلق ، فلا معنى للتفصيل المذكور ، لأنّ الشك في الحكم يلازم الشك في الملاك بلا فرق بين الأحكام التكليفية والوضعية ، فيكون الشك في الحكم الشرعي شكاً في المقتضي دائماً ولم يبق مورد للشك في الرافع ، فيكون حاصل التفصيل المذكور إنكاراً للاستصحاب في الأحكام الشرعية بقول مطلق.
فتحصّل مما ذكرنا : أنّه ليس مراد الشيخ قدسسره من المقتضي هو السبب أو الموضوع أو الملاك على ما توهموه ونسبوه إليه ، ومنشأ الوقوع في
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٥١.
(٢) المكاسب ٥ : ٢١٠.
(٣) لاحظ حاشية المكاسب : ٧٣.