هذه الامور توهم أنّ مراد الشيخ قدسسره من المقتضي هو المقتضي للمتيقن ، فذكر بعضهم أنّ المراد منه السبب ، وبعضهم أنّ المراد منه الموضوع ، وبعضهم أنّ المراد منه الملاك.
والظاهر أنّ مراد الشيخ قدسسره ليس المقتضي للمتيقن ، بل مراده من المقتضي هو المقتضي للجري العملي على طبق المتيقن ، فالمراد من المقتضي نفس المتيقن الذي يقتضي الجري العملي على طبقه ، فحق التعبير أن يقال : الشك من جهة المقتضي لا الشك في المقتضي.
وملخّص الكلام في بيان الميزان الفارق بين موارد الشك في المقتضي والشك في الرافع : أنّ الأشياء تارةً تكون لها قابلية البقاء في عمود الزمان إلى الأبد لو لم يطرأ رافع لها كالملكية والزوجية الدائمة والطهارة والنجاسة ، فانّها باقية ببقاء الدهر ما لم يطرأ رافع لها كالبيع والهبة وموت المالك في الملكية والطلاق في الزوجية ، وكذا الطهارة والنجاسة. فلو كان المتيقن من هذا القبيل ، فهو مقتضٍ للجري العملي على طبقه ما لم يطرأ طارئ ، فاذا شك في بقاء هذا المتيقن ، فلا محالة يكون الشك مستنداً إلى احتمال وجود الرافع له ، وإلاّ كان باقياً دائماً فهذا من موارد الشك في الرافع ، فيكون الاستصحاب فيه حجة.
واخرى لا تكون لها قابلية البقاء بنفسها ، كالزوجية المنقطعة مثلاً ، فانّها منقضية بنفسها بلا استناد إلى الرافع ، فلو كان المتيقن من هذا القبيل وشك في بقائه ، فلا يستند الشك فيه إلى احتمال وجود الرافع ، بل الشك في استعداده للبقاء بنفسه ، فيكون الشك في أنّ هذا المتيقن هل له استعداد البقاء بحيث يقتضي الجري العملي على طبقه أم لا؟ فهذا من موارد الشك في المقتضي فلا يكون الاستصحاب حجةً فيه. وهذا المعنى هو مراد الشيخ قدسسره من الشك في المقتضي والشك في الرافع ، ولذا جعل الشك في بقاء الملكية بعد رجوع