يسري الاستمرار إلى الحرمة أيضاً لا محالة ، فيكون شرب الخمر حراماً مستمراً ، فاذا خرج من هذا الاستمرار والعموم الأزماني فرد كما إذا قال المولى : لا بأس بشرب الخمر حال المرض مثلاً ، وشككنا في الحرمة بعد البرء ، فلا مانع من التمسك بالعموم والحكم بحرمة شرب الخمر في غير ما خرج يقيناً.
واخرى تتعلق بغير الأفعال الخارجية ، كبعض الأحكام الوضعية كاللزوم ، فانّه متعلق بالملكية وهي من الامور الاعتبارية ، ويكون الاستمرار في مثل ذلك راجعاً إلى نفس الحكم ، فاذا دل دليل على استمرار هذا الحكم ثمّ خرج منه فرد ، لا مانع من الرجوع إلى العام في غير هذا الفرد الخارج ، سواء كان العموم مستفاداً من نفس الدليل الدال على الحكم أو من الدليل الخارج ، بلا فرق بين العموم المجموعي والاستغراقي. وما ذكره المحقق النائيني قدسسره ـ من أنّ الدليل الدال على الاستمرار ناظر إلى بقاء الحكم فلا يصح الرجوع إليه عند الشك في ثبوت الحكم كما في موارد الشك في التخصيص ـ مندفع بأنّ العام يدل بظاهره على ثبوت الحكم لجميع الأفراد الطولية والعرضية قبل ورود التخصيص عليه ، وهذا الظاهر هو المتبع ما لم يدل دليل على خلافه ، فلا مانع من الرجوع إليه في غيرما خرج بالتخصيص القطعي.
فتحصّل مما ذكرناه : جواز الرجوع إلى العام بلا فرق بين كون الاستمرار راجعاً إلى الحكم أو راجعاً إلى المتعلق ، وأنّ ما ذكره المحقق النائيني قدسسره من الفرق بينهما غير تام في نفسه. ومن الغريب جعله توجيهاً لكلام الشيخ قدسسره فانّه ليس مراد الشيخ قدسسره قطعاً ، ولا يوافقه كلامه في الرسائل ولا في المكاسب ، فان صريح كلامه هو الفرق بين العموم الاستغراقي والمجموعي ، وقد عرفت ما فيه أيضاً ، هذا كلّه من حيث الكبرى.