وأمّا من حيث الصغرى وأنّ قوله تعالى : «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (١) هل هو من قبيل العموم الاستغراقي أو العموم المجموعي ، فيقع الكلام فيها من جهتين :
الجهة الاولى : أنّه لا ينبغي الشك في أنّ المستفاد من قوله تعالى : «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» هو حكم واحد متعلق بالوفاء لا أحكام متعددة متعلقة بالوفاء في كل آنٍ من الآنات ، إذ الوفاء لا يصدق على عدم الفسخ في كل آنٍ من الآنات ، فانّ الوفاء بشيء عبارة عن إتمامه وإنهائه ، فمعنى الوفاء بالنذر هو إتمام ما التزم على نفسه لله (سبحانه وتعالى) ، وكذا الوفاء بالعقد عبارة عن إنهاء ما التزم على نفسه بالعقد ، فلا يصدق الوفاء إلاّمع إتمام مضمون العقد إلى الآخر ، فلا تكون هناك تكاليف متعددة ، حتى يكون من قبيل العموم الاستغراقي ، بل تكليف واحد على ما عرفت.
الجهة الثانية : أنّه لا ينبغي الشك في أنّ وجوب الوفاء المستفاد من الآية المباركة ليس حكماً تكليفياً بحيث يكون الفسخ حراماً تكليفياً ، بل هو إرشاد إلى اللزوم ، وأنّ الفسخ لا يؤثر شيئاً ، فيكون بمنزلة قوله عليهالسلام : «دعي الصلاة أيام أقرائك» (٢) فانّه أيضاً إرشاد إلى مانعية الحيض وعدم صحة الصلاة منها في أيام الحيض ، وبعد كونه دليلاً على اللزوم ، في كل مورد ورد التخصيص يؤخذ به ، وفي غيره لا مانع من الرجوع إلى عموم أوفوا بالعقود ، والحكم باللزوم كما عليه المحقق الثاني (٣) قدسسره.
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.
(٣) جامع المقاصد ٤ : ٣٨.