وتبعه المحقق النائيني (١) قدسسره واختار صاحب الكفاية (٢) قدسسره جريان الاستصحاب فيهما ، لوجود المقتضي وهو شمول أدلة الاستصحاب ، وعدم المانع وهو لزوم المخالفة العملية.
ولا تظهر ثمرة بين القولين في نفس الاناءين ، لوجوب الاجتناب عنهما على كلا القولين. أمّا على مختار الشيخ قدسسره فللعلم الاجمالي بالنجاسة. وأمّا على مختار صاحب الكفاية قدسسره فلاستصحابها. وإنّما تظهر الثمرة بينهما في الملاقي لأحد الاناءين ، إذ يحكم بنجاسته على مسلك صاحب الكفاية ، فانّه بعد الحكم بنجاسته بالتعبد يحكم بنجاسة الملاقي أيضاً ، بخلاف مسلك الشيخ قدسسره فانّ الملاقي لبعض أطراف العلم الاجمالي لايكون محكوماً بالنجاسة على ما تقدم ذكره (٣). ولأجل هذه الثمرة لا بدّ من تحقيق المقام والتكلم في جريان الاستصحاب وعدمه ، فنقول :
استدل الشيخ قدسسره لعدم جريان الاستصحاب باجمال دليل الاستصحاب بالنسبة إلى المقام ، بتقريب أنّ مقتضى إطلاق الشك في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» هو شموله للشك المقرون بالعلم الاجمالي وجريان الاستصحاب في الطرفين ، ومقتضى إطلاق اليقين في قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» هو شموله للعلم الاجمالي وعدم جريان الاستصحاب في أحدهما ، ولايمكن الأخذ بكلا الاطلاقين ، لأن مقتضى الاطلاق الأوّل هو الايجاب الكلي وجريان الاستصحاب في الطرفين ، ومقتضى
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٩٣.
(٢) كفاية الاصول : ٤٣٢.
(٣) في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ٤٧١ وما بعدها.