الاطلاق الثاني هو السلب الجزئي وعدم جريانه في أحدهما ، ولا خفاء في مناقضة السلب الجزئي مع الايجاب الكلي ، ولا قرينة على تعيين الأخذ بأحدهما ، فالدليل يكون مجملاً من هذه الجهة ، فلا يمكن التمسك به لجريان الاستصحاب في المقام.
وفيه أوّلاً : أنّ الظاهر كون المراد من اليقين في قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» هو خصوص اليقين التفصيلي لا الأعم منه ومن الاجمالي ، إذ المراد نقضه بيقين آخر متعلق بما تعلق به اليقين الأوّل ، وإلاّ لا يكون ناقضاً له ، فحاصل المراد هكذا : كنت على يقين من طهارة ثوبك ، فلا تنقضه بالشك في نجاسة الثوب ، بل انقضه باليقين بنجاسته ، فلا يشمل اليقين الاجمالي لعدم تعلقه بما تعلق به اليقين الأوّل ، بل تعلق بعنوان أحدهما ، فلا مانع من التمسك باطلاق الشك في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» وجريان الاسصتحاب في الطرفين.
وثانياً : أنّه ليس هذا الذيل وهو قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» موجوداً في جميع أدلة الاستصحاب ، واجمال الدليل الموجود فيه هذا الذيل لا يمنع من التمسك بدليل آخر ليس فيه هذا الذيل الموجب للاجمال ، فانّ إجمال الدليل عبارة عن عدم الدلالة لا الدلالة على العدم.
وهذا الذي ذكره الشيخ قدسسره راجع إلى المانع الاثباتي من جريان الاستصحاب في المقام ، وقد عرفت جوابه.
وذكر المحقق النائيني (١) قدسسره مانعاً ثبوتياً عن جريانه بمعنى عدم
__________________
(١) لمزيد الاطلاع راجع أجود التقريرات ٣ : ٨٩ و ٤١٤.