إمكان التعبد بالاستصحاب في الطرفين مع العلم الوجداني بمخالفة أحدهما للواقع ، بيانه : أنّ الأصل لو كان من الاصول غير المحرزة ـ أي الاصول التي ليست ناظرةً إلى الواقع ، بل مفادها تعيين الوظيفة الفعلية في ظرف الشك كأصالة الاحتياط ـ فلا مانع من جريانه في أطراف العلم الاجمالي ، فانّ العلم الاجمالي بحلية النظر إلى إحدى الامرأتين لكونها من المحارم لا يمنع من جريان أصالة الاحتياط في الطرفين ، إذ معنى الاحتياط هو ترك الحلال مقدمة لترك الحرام ، فلا تنافي بين العلم الاجمالي وأصالة الاحتياط ، بخلاف ما إذا كان الأصل من الاصول المحرزة الناظرة إلى الواقع كالاستصحاب ، فان جريانه في الطرفين مع العلم بمخالفة أحدهما للواقع غير معقول ، فانّ التعبد بالبناء العملي على نجاسة كلا الاناءين لا يجتمع مع العلم بطهارة أحدهما ، فاطلاق دليل الاستصحاب وإن كان ظاهراً في الشمول للشك المقرون بالعلم الاجمالي ، فلا قصور في مقام الاثبات ، إلاّأ نّه لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظهور لأجل المحذور الثبوتي.
ويمكن الجواب عنه نقضاً وحلاً. أمّا النقض فهو أنّه إذا كان أحد جنباً وأتى بالصلاة ، فشك بعد الفراغ عنها في أنّه اغتسل قبل الصلاة أم لا ، فيحكم بصحة الصلاة المأتي بها بمقتضى قاعدة الفراغ ، وبوجوب الغسل عليه للصلوات الآتية وسائر الواجبات المشروطة بالطهارة من الحدث الأكبر بمقتضى استصحاب بقاء الحدث مع العلم الاجمالي بمخالفة أحد الأصلين للواقع ، مع أنّ قاعدة الفراغ أيضاً من الاصول المحرزة لو لم تكن من الأمارات.
وأمّا الحل ، فهو أنّه إن اريد جريان الاستصحاب في الطرفين بنحو الكلي المجموعي بأن يتعبد بنجاسة مجموع الاناءين من حيث المجموع ، فلا إشكال في