عدم جريان الاستصحاب في الطرفين بهذا المعنى ، إذ موضوع الاستصحاب هو الشك وليس لنا شك في نجاسة المجموع من حيث المجموع ، بل لنا علم بعدم نجاسة المجموع من حيث المجموع ، إذ المفروض العلم الاجمالي بطهارة أحدهما ، فبعد العلم بعدم نجاسة المجموع من حيث المجموع كيف يمكن جريان استصحاب النجاسة في المجموع من حيث المجموع ، بل لا مجال لجريان الاصول غير المحرزة أيضاً في أطراف العلم الاجمالي بهذا المعنى المجموعي ، لما ذكرناه من انتفاء الشك باعتبار لحاظ المجموع من حيث المجموع ، ليكون مورداً لأصل من الاصول المحرزة أو غير المحرزة.
وإن اريد جريان الاستصحاب في الطرفين بنحو الكلي الاستغراقي ، بأن يتعبد بالاستصحاب في كل واحد من الطرفين مع قطع النظر عن الآخر ، فلا محذور فيه أصلاً ، لوجود الشك في كل واحد من الطرفين مع قطع النظر عن الآخر. والعلم الاجمالي بطهارة أحدهما لا يمنع عن جريان استصحاب النجاسة في خصوص كل منهما ، غاية الأمر أنّ العلم المذكور هو السبب لعروض الشك في كل واحد من الطرفين ، ولولا العلم الاجمالي لكانت نجاسة كل منهما محرزة بالعلم التفصيلي.
فتحصّل مما ذكرناه : أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في المقام لا إثباتاً ـ على ما ذكره الشيخ قدسسره ـ ولا ثبوتاً ـ على ما ذكره المحقق النائيني قدسسره ـ ومن العجب أنّهما قدسسرهما قد التزما (١) بجريان الاستصحاب في المتلازمين مع العلم الاجمالي بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع ، كما إذا توضأ أحد غفلةً بمائع مردد بين الماء والبول ، فالتزما بكونه محدثاً وبطهارة بدنه ، للاستصحاب فيهما مع العلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع ، للملازمة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٤٦ ، أجود التقريرات ٤ : ٢٧١.