الأمارة ، وإن قلنا بكون الاستصحاب أيضاً من الأمارات ـ كما التزم به المحقق النائيني (١) قدسسره وتبعناه (٢) ـ فقد ذكر المحقق المزبور أنّ القاعدة حاكمة على الاستصحاب ، لأن أدلة القاعدة واردة في موارد جريان الاستصحاب (٣) ، كما في الشك في الركوع بعد الدخول في السجود ، فأدلة القاعدة ناظرة إلى أدلة الاستصحاب وشارحة لها.
وفيه : أنّ الحكومة بالمعنى المصطلح هو كون الحاكم بمدلوله اللفظي ناظراً إلى المحكوم وشارحاً له ، بحيث لو لم يكن الدليل المحكوم موجوداً لكان الدليل الحاكم لغواً ، كقوله عليهالسلام : «لا شك لكثير الشك ...» (٤) فانّه حاكم على قوله عليهالسلام : «إذا شككت فابن على الأكثر ...» (٥) لكونه شارحاً له بمدلوله اللفظي ، إذ لو لم يكن للشك حكم من الأحكام ، لكان قوله عليهالسلام : «لا شك لكثير الشك» لغواً.
والمقام ليس كذلك ، إذ قوله عليهالسلام : «بلى قد ركع» ليس شارحاً لقوله عليهالسلام : «إن كنت على يقين من طهارتك فلا تنقض اليقين بالشك» بحيث لو لم يكن قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» لزم كون قوله
__________________
(١) ذكر قدسسره في أوّل بحث الاستصحاب أنّ الصحيح كونه من الاصول العملية فلاحظ أجود التقريرات ٤ : ٦.
(٢) راجع ص ١٨٥.
(٣) لاحظ أجود التقريرات ٤ : ٢٠٩ ، فوائد الاصول ٤ : ٦١٩.
(٤) لم نعثر عليه بلفظه وإنّما ورد ما يدل على الحكم في الوسائل ٨ : ٢٢٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦.
(٥) الوسائل ٨ : ٢١٢ و ٢١٣ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ح ١ و ٣ (باختلاف يسير).