كقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ...)(١) إلخ وكقوله عليهالسلام : «افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» (٢) والوضوء مركب ، فلا مانع من جريان قاعدة التجاوز فيه.
وثانياً : على تقدير تسليم كون الطهارة هي المأمور به وأنّ الوضوء مقدمة لها ، أنّ عدم جريان قاعدة التجاوز في المقدمة مع كون ذيها بسيطاً إنّما هو في المقدمات العقلية الخارجية ، كما إذا أمر المولى بقتل أحد ، وتوقف القتل على عدة من المقدمات ، فالشك في بعض هذه المقدمات لا يكون مورداً لقاعدة التجاوز ، لأنّ المأمور به ـ وهو القتل ـ بسيط لا تجري فيه قاعدة التجاوز. والشك في المقدمات شك في المحصّل ، فلا بدّ من الاحتياط ، هذا بخلاف المقام فانّ الوضوء من المقدمات الشرعية لحصول الطهارة ، إذ الشارع جعله مقدمةً لها وأمر به ، وبعد تعلق الأمر الشرعي به وكونه مركباً لا مانع من جريان قاعدة التجاوز فيه ، نعم لو شك في الجزء الأخير منه ، لا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيه إلاّمع الدخول في الغير ، أو فوات الموالاة بجفاف الأعضاء ، لعدم صدق التجاوز عند الشك في وجود الجزء الأخير إلاّمع أحد الأمرين.
فتحصّل مما ذكرناه : عدم لحوق التيمم والغسل بالوضوء ، فلا مانع من جريان قاعدة التجاوز فيهما بمقتضى عموم أدلتها.
نعم ، لا تجري قاعدة التجاوز في الغسل فيما إذا شك في غسل الجانب الأيمن حين الاشتغال بغسل الجانب الأيسر بناءً على القول بعدم الترتيب بين الجانبين ، كما أنّه ليس ببعيد ، لعدم صدق التجاوز عن المحل على هذا القول ،
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) الوسائل ١ : ٣٦٦ / أبواب الوضوء ب ١ ح ٤ و ٧.