للبطلان كالتكلم. والتزم المحقق النائيني (١) قدسسره في هذه الصورة بجريان قاعدة الفراغ ، بدعوى أنّ المعتبر في قاعدة الفراغ أمران : الدخول في الغير ، وصدق المضي ، وهما متحققان في المقام. أمّا الدخول في الغير فتحققه ظاهر ، وأمّا تحقق المضي فلصدقه عند مضي معظم الأجزاء.
وفيه : أنّ المعتبر في قاعدة الفراغ هو صدق المضي حقيقة ، ومعه كيف يصدق المضي مع الشك في تحقق الجزء الأخير ، وأمّا الدخول في الغير فقد تقدم (٢) أنّه لا يعتبر في جريان قاعدة الفراغ.
وقد يتوهّم جريان قاعدة الفراغ ، بدعوى أنّ المراد بالمضي هو المضي بحسب الاعتقاد لا المضي بحسب الواقع ، وإلاّ لم يبق مورد لجريان قاعدة الفراغ ، إذ مع الشك في الصحة لا يحرز المضي الواقعي ، والمضي الاعتقادي موجود في المقام ، فانّه حين اشتغاله بأمر غير مرتب كان معتقداً بالمضي ، وإلاّ لم يشتغل به ، فتجري قاعدة الفراغ.
وهو مندفع بأن ظاهر قوله عليهالسلام : «كل ما مضى ...» هو المضي الحقيقي الواقعي لا المضي الخيالي ، غاية الأمر كون الماضي أعم من الصحيح والفاسد بقرينة الشك المذكور في الرواية ، إذ لا يتصور مضي الصحيح مع فرض الشك في الصحة والفساد.
الثالث : أن يشك في الجزء الأخير مع الاشتغال بأمر مرتب على الجزء الأخير غير مانع من تداركه على تقدير عدم الاتيان به ، كما إذا شك في التسليم مع الاشتغال بالتعقيب ، أو شك في مسح الرجل للوضوء مع الاشتغال بالدعاء
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٢٤ ، راجع أيضاً فوائد الاصول ٤ : ٦٣٠.
(٢) في ص ٣٣٩ وما بعدها.