المأثور بعد الوضوء.
واختار المحقق النائيني (١) قدسسره أنّه لو شك في الجزء الأخير من الصلاة ـ وهو التسليم ـ مع الاشتغال بالتعقيب لا يعتني به ، لصدق الدخول في الغير ، فيكون مورداً لجريان قاعدة التجاوز. واستشهد على ذلك بصحيحة زرارة المتقدمة (٢) الدالة على عدم الاعتناء بالشك في الأذان مع الدخول في الاقامة ، بدعوى أنّ الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الأذان مع الدخول في الاقامة يشرف الفقيه على القطع بعدم الاعتناء بالشك في التسليم مع الاشتغال في التعقيب ، لعدم الفرق بين الاقامة والتعقيب ، لخروج كليهما عن حقيقة الصلاة.
وللمناقشة فيه مجال ، لعدم الملازمة بين المقامين في جريان قاعدة التجاوز ، إذ هو منوط بمضي المحل ، وهو لا يصدق إلاّفيما إذا كان محل المشكوك فيه بحسب الجعل الشرعي سابقاً على الغير الذي وقع الشك بعد الدخول فيه ، وكان محل ذلك الغير مؤخراً عن المشكوك فيه ولو باعتبار كونه أفضل الأفراد. وهذا المعنى موجود في الشك في الأذان بعد الدخول في الاقامة ، فانّ الأذان مقدّم بحسب الجعل الشرعي على الاقامة ، بحيث لو لم يأت بالاقامة بعد الأذان لم يأت بوظيفته الاستحبابية المتعلقة بالأذان. وكذا محل الاقامة مؤخر عن الأذان بمعنى أنّ أفضل أفراد الاقامة هي الاقامة الواقعة بعد الأذان ، وإن كانت مستحبة في نفسها ولو بدون الأذان ، فيكون الشك في الأذان بعد الدخول في الاقامة شكاً فيه بعد مضي المحل والتجاوز عنه.
وهذا بخلاف الشك في التسليم مع الاشتغال في التعقيب ، فانّ التعقيب وإن
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٢٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٢٨
(٢) في ص ٣٣١