اعتبر بحسب الجعل الشرعي مؤخراً عن التسليم ، إلاّأ نّه لم يعتبر مقدّماً على التعقيب ، إذ من المعلوم أنّه لا يعتبر في التسليم وقوعه قبل تسبيح الزهراء (سلام الله عليها) مثلاً. ومَثَل التسليم والتعقيب مَثَل صلاة الظهر والعصر ، فان صلاة العصر قد اعتبرت في الشريعة المقدّسة مؤخرة عن صلاة الظهر ، إلاّأنّ صلاة الظهر لم يعتبر فيها التقدم على صلاة العصر كما هو مذكور في محلّه ، فلا يكون الشك في التسليم مع الاشتغال بالتعقيب شكاً بعد مضي المحل ، لبقاء محل التدارك ، ولذا من تذكر حال التعقيب أنّه لم يأت بالتسليم يجب عليه التدارك ولم يلزم منه إخلال أصلاً ، ولا شيء عليه حتى سجدة السهو.
ويؤيد ما ذكرناه ـ من عدم جريان قاعدة التجاوز في المقام ـ أنّه لو شك في الاتيان بأصل الصلاة مع الاشتغال بالتعقيب ، لا تجري قاعدة التجاوز قطعاً ولا أظن أحداً من الفقهاء يلتزم بجريانها ، فيجب عليه الاعتناء بالشك والاتيان بالصلاة ، لكون الشك في الوقت. ولا فرق بين الشك في أصل الصلاة والشك في التسليم مع الاشتغال في التعقيب في جريان قاعدة التجاوز وعدمه.
فتلخّص مما ذكرناه : عدم جريان قاعدة التجاوز في هذه الصورة أيضاً كالصورتين السابقتين.
وكذا لا تجري قاعدة الفراغ أيضاً ، إذ مع الشك في الجزء الأخير لم يحرز الفراغ من العمل حتى يكون مورداً لقاعدة الفراغ ، إلاّفي باب الوضوء فانّه تجري قاعدة الفراغ عند الشك في الجزء الأخير منه مع الاشتغال بشيء آخر ولو لم يتجاوز محل التدارك ، كما إذا شك في مسح الرجل مع الاشتغال بالصلاة ، أو بالدعاء المأثور بعد الوضوء ، وذلك لقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «فاذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت إلى حالٍ اخرى في الصلاة أو في غيرها ، فشككت في بعض ما سمّى الله مما أوجب الله عليك وضوءه لا شيء