وقوله عليهالسلام : «وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك» (١) فان مقتضى هذا التعليل هو الاقتصار على موارد يكون المكلف فيها أذكر وأقرب إلى الواقع حين العمل منه حين الشك ، فلا مجال لجريانها مع العلم بالغفلة حين العمل ، لعدم كونه أذكر حين العمل مع الغفلة ، كما هو ظاهر.
وأجاب المحقق النائيني قدسسره عن هذا التعليل بأ نّه من قبيل الحكمة لا من قبيل العلة ، فلا يكون الحكم دائراً مدار وجوده.
وفيه : أنّ الميزان في الحكمة والعلة هو فهم العرف ، ففي كل مورد فهم العرف من الكلام دوران الحكم مدار التعليل فهو علة ، وإلاّ فهو حكمة ، ولا ينبغي الاشكال في أنّ المستفاد من التعليل المذكور عرفاً كون عدم الاعتناء بالشك دائراً مدار كونه أذكر ، لما ذكرناه من كونه ناظراً إلى أصالة عدم الغفلة الكاشفة نوعاً عن الواقع.
ومما يتوهّم دلالته على جريان قاعدة الفراغ حتى مع العلم بالغفلة والنسيان حال العمل : الخبر المذكور في الوسائل (٢) ، ومضمونه لزوم تحويل الخاتم في الغسل وإدارته في الوضوء ، وفي ذيله : «فإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة» فيدعى أنّ مفاده جريان قاعدة الفراغ ، مع علم المكلف
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٧ ح ٣.
(٢) نقل في الوسائل عن محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الخاتم إذا اغتسلت ، قال عليهالسلام : حوّله من مكانه. وقال عليهالسلام : في الوضوء تديره ، فان نسيت حتى تقوم في الصلاة ، فلا آمرك أن تعيد الصلاة» [الوسائل ١ : ٤٦٨ / أبواب الوضوء ب ٤١ ح ٢].