الموضوع للحكم وإن لم يوجد في الخارج إلاّفي الموصوف ، فبعد زواله لا يمكن جريان الاستصحاب ، كما في العدالة التي هي الموضوع لقبول الشهادة ، والاجتهاد الذي هو الموضوع لجواز التقليد ، فلو كان زيد عادلاً ثمّ صار فاسقاً لا يمكن جريان الاستصحاب في قبول شهادته ، لأنّ العرف يرى العدالة تمام الموضوع لقبول الشهادة ، والفسق موضوع آخر في نظرهم ، فعدم ترتيب هذا الأثر ـ أي قبول الشهادة ـ لا يكون نقضاً لليقين بالشك ، وكذا الاجتهاد بالنسبة إلى جواز التقليد ، فالوصف تمام الموضوع للحكم في نظر العرف وإن لم يوجد في الخارج إلاّمتعلقاً بموصوف.
وإن شئت قلت : إنّ الوصف بالنسبة إلى ثبوت الحكم للموصوف من قبيل الواسطة في العروض ، ففي الحقيقة نفس الوصف موضوع للحكم ، ولأجله يعرض الحكم للموصوف بالعرض. وقد يحكم العرف بأنّ الوصف دخيل في ثبوت الحكم للموصوف ويكون الموصوف هو الموضوع فالوصف من قبيل الواسطة في الثبوت كالتغير للماء ، فانّه واسطة لثبوت النجاسة للماء والموضوع هو الماء لا التغير ، فانّه يقال في العرف إنّ الماء تنجس لتغيره ، ولا يقال إنّ المتغير تنجس. ففي مثل ذلك لا إشكال في جريان الاستصحاب فيحكم بنجاسة الماء بعد زوال التغير.
وقد يشك في كون الوصف من القسم الأوّل لئلاّ يجري الاستصحاب أو من القسم الثاني ليجري الاستصحاب ، كما في المسافر الذي كان مسافراً في أوّل الوقت وبلغ إلى وطنه آخره ، فمع قطع النظر عن النصوص الواردة في المقام نشك في أنّ الواجب عليه التمام أو القصر ، فيحتمل كون وصف السفر تمام الموضوع لوجوب القصر ، فلا يجري الاستصحاب ، وكونه من قبيل الواسطة في الثبوت لوجوب القصر فيستصحب وجوبه. ففي مثل ذلك لا يمكن جريان