الاستصحاب أيضاً ، لعدم إحراز صدق النقض فيه ، فيكون التمسك بقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» تمسكاً بالعام في الشبهة المصداقية. هذا كلّه فيما إذا ثبت الحكم بالدليل الشرعي.
وأمّا إذا ثبت الحكم بالدليل العقلي والعقل لا يحكم بحكم للموضوع المهمل ، لأنّ الاهمال في مقام الثبوت لا يتصور من الحاكم ، فلا بدّ في حكم العقل من إدراك الموضوع بجميع قيوده ، فلا يحكم العقل بحكم إلاّللموضوع المقيد بقيود لها دخل في الحكم ، فمع عدم انتفاء شيء من هذه القيود لايمكن الشك في الحكم ، ومع انتفاء أحدها ينتفي الحكم العقلي يقيناً. والمفروض أنّ الحكم الشرعي في المقام مستفاد من الحكم العقلي بقاعدة الملازمة ، فبانتفاء الحكم العقلي ينتفي الحكم الشرعي لا محالة ، فلا يبقى لنا شك في بقاء الحكم الشرعي حتى نرجع إلى الاستصحاب ، بل هو مقطوع العدم. نعم ، يحتمل ثبوت الحكم الشرعي للموضوع المذكور بعد انتفاء أحد القيود بجعل جديد من الشارع ، لكنّه شك في حدوث الحكم لا في بقائه ، ومجرى الاستصحاب إنّما هو الشك في البقاء لا الشك في الحدوث ، وجريان الاستصحاب ـ في الحكم الشرعي الأعم من الحادث والباقي ـ متوقف على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلّي الذي لا نقول به. هذا توضيح مرام الشيخ في هذا التفصيل.
فتحصّل : أن إنكاره جريان الاستصحاب في الحكم الثابت بالدليل العقلي مبتنٍ على مقدّمتين : الاولى : أنّ الاهمال في حكم العقل لا يتصور. والثانية : أنّ حكم الشارع تابع له وينتفي بانتفائه. وقد أورد المحقق النائيني (١) قدسسره عليه في المقدمة الاولى مرّةً ، وفي المقدمة الثانية اخرى ، واكتفى صاحب
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٠ و ١١٤ ، فوائد الاصول ٤ : ٣٢٠ و ٤٤٩.