المعتزلة ـ إمّا أن يقول بأن قيام الأمارة على شيء يوجب حدوث المصلحة في متعلق التكليف وهو عمل المكلف ، وإمّا أن يقول بحدوث المصلحة في الالتزام بمؤدى الأمارة وهو عمل القلب ، وإمّا أن يقول بحدوثه في فعل المولى ، أي قيام الأمارة على وجوب شيء مثلاً يوجب حدوث المصلحة في إيجاب المولى ذلك الشيء.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون التعارض بين الدليلين بالتناقض ، كما إذا دل أحدهما على وجوب شيء والآخر على عدم وجوبه أو بالتضاد. والتعارض بالتضاد إمّا أن يكون بدلالة أحدهما على وجوب شيء والآخر على حرمته أو يكون بدلالة أحدهما على وجوب شيء ، والآخر على وجوب شيء آخر ، ولا يكون لهما ثالث ، كما إذا دل أحدهما على وجوب الحركة ، والآخر على وجوب السكون ، أو يكون بدلالة أحدهما على وجوب شيء ، والآخر على وجوب شيء آخر ويكون لهما ثالث ، كما إذا دل أحدهما على وجوب القيام والآخر على وجوب الجلوس ، فانّ لهما ثالثاً كالاضطجاع مثلاً.
أمّا إن كان التعارض بالتناقض ، فدخوله في التزاحم مستحيل ، إذ التزاحم عبارة عن كون المكلف عاجزاً في مقام الامتثال مع صحة كل واحد من التكليفين في مقام الجعل ، واجتماع التكليفين في المقام محال في نفسه مع قطع النظر عن عجز المكلف ، وذلك لأنّ المفروض كون قيام الأمارة على الوجوب موجباً لحدوث المصلحة الملزمة في الفعل ، وقيام الأمارة على عدم الوجوب موجباً لعدم المصلحة الملزمة في الفعل ، أو موجباً لزوال المصلحة الملزمة عن فعل المكلف ، واجتماع المصلحة وعدمها في شيء واحد اجتماع نقيضين ومحال في نفسه ، مع قطع النظر عن عجز المكلف عن الامتثال.