ومورد هذه الرواية دوران الأمر بين المحذورين حيث إنّ أحد الخبرين يأمر والآخر ينهى ، والعقل يحكم فيه بالتخيير بين الفعل والترك ، وقول الإمام عليهالسلام : «فهو في سعة ... إلخ» لا يدل على أزيد منه.
ومنها : ما رواه الشيخ قدسسره باسناده عن أحمد بن محمّد عن العباس ابن معروف عن علي بن مهزيار قال : «قرأت في كتاب لعبدالله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّهما إلاّعلى الأرض ، فوقّع عليهالسلام : موسّع عليك بأية عملت» (١).
ومورد هذه الرواية هو التخيير في نافلة الفجر بين الاتيان بها في المحمل ، والاتيان بها على الأرض ، وقد حكم الإمام عليهالسلام في الحقيقة بجواز الاتيان بها في المحمل ، فانّ ظاهر حكمه عليهالسلام بالتخيير أنّ التخيير واقعي ، إذ لو كان الحكم الواقعي غيره لكان الأنسب بيانه ، لا الحكم بالتخيير بين الحديثين ، ولا إطلاق لكلام الإمام عليهالسلام ولا عموم حتى يتمسك بهما ويتعدى عن مورد الرواية إلى غيره.
ومنها : مكاتبة محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان (أرواحنا فداه) على ما في احتجاج الطبرسي ، وقد سئل في هذه المكاتبة عن استحباب التكبير بعد التشهد الأوّل وعدمه ، إلى أن قال عليهالسلام «في الجواب عن ذلك حديثان ، أمّا أحدهما فاذا انتقل من حالة إلى اخرى فعليه التكبير ، وأمّا الآخر فانّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٢٨ / ح ٥٨٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٤.