اختصاص لحجية فتواه بجاهل دون جاهل ، فلو فرض كون المعدومين في زمان المفتي موجودين فيه ، لكانت فتواه حجة في حقهم قطعاً ، غاية الأمر أنّه يحتمل ارتفاع الحجية المعلومة بارتفاع حياة المجتهد ، لاحتمال كونها مقيدة بحياة المفتي فلا مانع من جريان الاستصحاب.
وبعبارة اخرى : من كان معدوماً في زمان حياته إذا وجد وعلم بتوجه التكليف إليه ، فهو لا محالة يعلم بأنّ فتوى المجتهد المفروض مماته كانت حجة في زمان حياته على نحو القضية الحقيقية ، ويشك في بقاء حجيتها كذلك بعد مماته ، فيجري الاستصحاب في حقه ، لتمامية كلا ركنيه. مضافاً إلى أنّ الجواب المذكور على تقدير تماميته يختص ببعض الموارد ، ولا يجري بالاضافة إلى من كان موجوداً في زمان حياة المجتهد ولم يقلّده عصياناً أو غفلة ، أو لكونه عاملاً بالاحتياط فأراد تقليده بعد مماته ، فان فتوى المجتهد كانت حجة في حقه على الفرض ، فلا مانع من استصحاب حجيتها بعد مماته.
وأمّا الثاني : فقد ذكر في الكفاية (١) ما حاصله : أنّه لا مجال لاستصحاب بقاء حجية فتواه بعد موته ، إذ بموته يرتفع رأيه الذي هو موضوع الحجية ، فانّه متقوّم بالحياة في نظر العرف ، فالموضوع ليس باقياً في نظر العرف ، وإن كان باقياً في الحقيقة ولذا يرى المعاد من إعادة المعدوم. ثمّ إنّه قدسسره أورد على نفسه بأنّ الرأي والاعتقاد وإن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه وهو الانسان ، إلاّأنّ حدوث الرأي في حال حياته كافٍ في جواز تقليده بعد موته أيضاً ، كما هو الحال في الرواية. وأجاب عنه بالفرق بين الرواية والفتوى وحاصله : أنّ الرواية إنّما تكون حجة بحدوثها ، فلا يضر موت الراوي بحجيتها ، بخلاف
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧٧ ـ ٤٧٨.