الفتوى فانّ حجيتها تدور مدار بقاء الرأي ، للقطع بعدم جواز تقليد من زال رأيه بعروض الجنون أو الهرم أو التبدل برأي آخر انتهى.
والتحقيق عدم تمامية هذا الجواب أيضاً ، لما ذكرناه في بحث الاستصحاب (١) من أنّ المراد ببقاء الموضوع هو اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها ، ولا إشكال في اتحادهما في المقام. وأمّا ما ذكره من عدم بقاء الرأي بعد موت الانسان بنظر العرف فهو وإن كان كما ذكره ، إلاّأنّ حدوثه كافٍ في حجيته حدوثاً وبقاءً ، بمعنى أنّ حجية رأي المجتهد لا تدور مدار بقائه ، فانّ الفتوى مثل الرواية والشهادة من هذه الجهة.
توضيح ذلك : أنّ الشيء قد يكون بحدوثه موضوعاً لحكم من الأحكام ، بأن يكون حدوثه في زمانٍ كافياً في ثبوت الحكم وبقائه ، كما في حكم الشارع مثلاً بعدم جواز الصلاة خلف المحدود ، فان وقوع الحد على أحدٍ في زمان كافٍ في عدم جواز الائتمام به إلى الأبد. وقد لا يكون حدوثه كافياً في بقاء الحكم ، بل يحتاج بقاؤه إلى بقاء ذلك الشيء ، فيدور الحكم مداره حدوثاً وبقاءً ، كعدم جواز الصلاة خلف الفاسق ، فانّه يدور مدار فسقه. ولا مانع من أن تكون فتوى المجتهد من قبيل الأوّل كالرواية والشهادة ، وعليه فيمكن التمسك باستصحاب حجية رأيه بعد موته. وما ذكره من القطع بعدم جواز تقليد من زال عنه الرأي بالتبدل أو بعروض الجنون أو الهرم وهو دليل على أنّ الحجية دائرة مدار بقاء الرأي غير تام ، لاختصاص حجية الرأي بما إذالم يظهر بطلانه ، وبعد تبدل الرأي يظهر خطؤه ، فكيف يكون حجة ، والأمر في باب الرواية أيضاً كذلك ، فانّ الراوي لو اعترف بخطئه في الرواية تسقط الرواية عن الحجية بلا إشكال.
__________________
(١) في ص ٢٧١.