وأمّا ارتفاع حجية الفتوى بزوال الرأي لهرم أو جنون فهو لأمرين :
الأوّل : القطع من الخارج بعدم جواز تقليد من طرأت عليه هذه الطوارئ ، فانّ المجنون لا يليق بمنصب الفتوى الذي هو فرع من فروع منصب الإمامة ، وكذا من التحق بالصبيان للهرم أو النسيان ، فانّ الشارع لا يرضى بزعامة المجنون وكونه مرجعاً للمسلمين ولو من جهة فتواه السابقة ، وكما أنّ الجنون مانع عن الرجوع إلى المتصف به في فتاواه السابقة على عروضه ، كذلك الفسق.
وهذا بخلاف الموت فانّه ارتقاء للانسان وارتحال من عالم إلى عالم أرقى وأشرف ، ولذا اتصف به الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، فالفتوى تفترق عن الرواية من هذه الجهة ، فانّ عروض الجنون أو الفسق للراوي لا يمنع عن حجية روايته التي رواها قبل عروضهما له ، كما هو المروي بالاضافة إلى كتب بني فضال (١).
الثاني : الاجماع المحقق على عدم جواز تقليد من طرأت عليه هذه الطوارئ من الجنون والفسق ، هذا.
ولكنّ التحقيق أنّه لا يمكن إثبات جواز تقليد الميت بالاستصحاب.
أمّا أوّلاً : فلما ذكرناه في بحث الاستصحاب (٢) من عدم جريانه في الشبهات الحكمية.
وأمّا ثانياً : فلأن مقتضى الاستصحاب عدم جواز تقليد الميت لا جوازه ، وذلك لما ذكرناه عند البحث عن جريان الاستصحاب في أحكام الشرائع
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٤٢ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١٣.
(٢) في ص ٤٢ وما بعدها.