السابقة (١) من أنّ مرجع الشك في نسخها إلى احتمال ضيق دائرة الجعل وعدم سعتها بالاضافة إلى من يوجد في زمان تشريع الشريعة اللاحقة ، فيكون المراد من النسخ بيان أمد الحكم بحسب الجعل الأوّل لا رفعه ، لكونه مستلزماً للبداء المستحيل في حقه تعالى ، وعليه فلا علم بجعل الحكم في حقه ولو بنحو القضية الحقيقية ليجري الاستصحاب ويثبت به بقاء الحكم له ، بل يجري في حقه استصحاب عدم الجعل بلا معارض. والمقام من هذا القبيل بعينه ، حيث نحتمل أن تكون حجية فتوى المجتهد مختصة (٢) بمن عاصره ، وكان من وظيفته الرجوع إليه ، وأمّا المكلف الموجود بعد موته ، فلا علم بحجية فتواه في حقه من الأوّل ، فيجري استصحاب عدم جعل الحجية في حقه بلا معارض.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ الاستصحاب إنّما يجري عند عدم الدليل ، وقد دلّ الدليل على اشتراط الحياة في المفتي ، وهو أمران :
الأوّل : الاجماع المدعى في كلمات جماعة من الأكابر كالشهيد (٣) (قدسسره)
__________________
(١) في ص ١٧٧.
(٢) أي يكون الشك في حجية فتوى المجتهد في حق من يوجد بعد مماته شكاً في الحدوث لا في البقاء ، فلا مجال لجريان استصحاب بقاء الحجية في حقه. ولا تنافي بين ما أفاده سيدنا الاستاذ (دام ظلّه) هنا ، وما ذكره سابقاً من عدم كون المقام من قبيل الشك في الحدوث ، فانّ ما ذكره (دام ظلّه) سابقاً راجع إلى أنّه ليس من قبيل الشك في الحدوث من جهة احتمال اختصاص حجية فتواه بجاهل دون جاهل ، أي بجاهل موجود في حياته دون جاهل موجود بعد مماته ، وما أفاده هنا راجع إلى أنّ الشك شك في الحدوث من جهة احتمال أن تكون حجية فتواه مختصة بحال حياته فلاحظ.
(٣) الذكرى ١ : ٤٤ الاشارة الخامسة.