وأمثاله. ولا يخفى أنّه لا تضر بدعوى الاجماع في المقام مخالفة المحقق القمي (١) قدسسره والأخباريين ، لأن مخالفته قدسسره مبنية على ما ذكره من أنّه لا دليل على حجية فتوى المفتي إلاّدليل الانسداد الجاري في حق العامي ، ومقتضاه جواز تقليد الميت كالحي ، وقد ذكرنا أنّ دليل جواز التقليد غير دليل الانسداد. وأمّا الأخباريون فمخالفتهم إنّما هو لأجل أنّ الرجوع إلى المفتي عندهم من قبيل الرجوع إلى الراوي ، لزعمهم أنّ التقليد بدعة ، ولا مجال لإعمال الرأي والاجتهاد في الأحكام الشرعية ، وقد مرّ في تعريف الاجتهاد أنّ ما ذكروه إنّما يتم على ما يراه العامة في معنى الاجتهاد وأمّا على ما عرّفناه فلا محذور فيه أصلاً.
الثاني : أنّ الآيات والروايات الدالة على حجية فتوى المجتهد ظاهرة في اعتبار الحياة في المفتي ، فانّ ظاهر قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) هو اتصاف المسؤول بكونه أهل الذكر عند السؤال ، ومن الظاهر عدم صدق هذا العنوان على الميت.
ومن هنا يظهر وجه الدلالة في مثل قوله عليهالسلام : «من كان من الفقهاء ...» (٣) إلخ وقوله عليهالسلام : «انظروا إلى رجل قد روى حديثنا ...» (٤) إلخ ، فالظاهر من هذه الأدلة اعتبار الحياة في المفتي ، وهذا بخلاف الرواية فانّه
__________________
(١) جامع الشتات ٢ : ٤٢٠ ، قوانين الاصول ٢ : ٢٦٥.
(٢) النحل ١٦ : ٤٣.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٣١ / أبواب صفات القاضي ب ١٠ ح ٢٠.
(٤) الوسائل ٢٧ : ١٣٦ ـ ١٣٧ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١ (باختلاف يسير).