وفيه (١) : أنه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع الا طريق العقل (٢) ، فلا معنى لهذا التفصيل الا ما أشرنا (٣) إليه من النّظر المسامحي
______________________________________________________
في تعدد المتعلق ، وارتفاع التضاد ، ولذا حكم العقل بجواز الاجتماع ، وبين ما يفهمه العرف من التهافت بين الأمر والنهي ، وكون المجمع ـ كالصلاة في الدار المغصوبة ـ بنظرهم شيئاً واحداً ، وأن تعدد الجهة لا يوجب تعدده ، ولذا حكموا بالامتناع وعدم جواز الاجتماع ، هذا.
(١) هذا رد التفصيل المزبور ، وتوضيحه : أنه قد أشار المصنف (قده) في الأمر الثاني من الأمور التي ذكرها قبل الخوض في المقصود : «ان الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الجهة والعنوان في الواحد يوجب تعدد متعلق الأمر والنهي بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد أو لا يوجبه ... إلخ» وكذا قال : «الرابع انه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المسألة عقلية ... إلخ». والغرض من هاتين العبارتين : أن الجواز والامتناع في هذه المسألة من أحكام العقل ، إذ الحاكم بارتفاع غائلة اجتماع الضدين ـ لتعدد الجهة وعدم ارتفاعها ـ هو العقل ، فلا معنى لنسبة ما هو حكم العقل إلى العرف ، فإذا جوز العقل اجتماع الأمر والنهي ، فلا وجه لحكم العرف بامتناعه. وكذا العكس ، بل طريق العرف في المسائل العقلية هو حكم العقل ، والعرف انما يرجع إليه في تعيين المفاهيم ومداليل الألفاظ ، وليست مسألة الاجتماع منها حتى يرجع فيها إلى العرف. وعلى هذا ، فلا معنى للتفصيل بين العرف والعقل بحكم الأول بالامتناع ، والثاني بالجواز.
(٢) لما عرفت من كون المسألة عقلية.
(٣) يعني : في الأمر الرابع ، حيث قال فيه : «وذهاب البعض إلى الجواز