(آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) (البقرة : ١٣) أي ، كما يفعل من يوجد فيه معنى الإنسانية ، ولم يقصد بالإنسان عينا واحدا ، بل قصد المعنى ، وكذلك قوله : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) (النساء : ٥٤) أي من وجد فيهم معنى الإنسانية ، أيّ إنسان [كان] (١). قال : وربما قصد به النوع من حيث هو. كقوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) (البقرة : ٢٥١).
(السادس) : خطاب النوع. نحو : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) (البقرة : ٤٠) والمراد «بنو يعقوب» ، وإنما لم يصرح (٢) به للطيفة سبقت في النوع السادس وهو علم المبهمات (٣).
(السابع) خطاب العين. نحو (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (البقرة : ٣٥). (يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ) (هود : ٤٨). (يا إِبْراهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) (الصافات : ١٠٤ و ١٠٥). (يا مُوسى) (الأعراف : ١٤٤). (يا عِيسى) (آل عمران : ٥٥). ولم يقع في القرآن النداء ب «يا محمد» بل ب (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) (الأنفال : ٦٤) و (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) (المائدة : ٤١) تعظيما له وتبجيلا ، وتخصيصا بذلك عن سواه.
(الثامن) : خطاب المدح. نحو : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (البقرة : ١٠٤) وهذا وقع خطابا لأهل المدينة الذين آمنوا وهاجروا ، تمييزا لهم عن أهل مكة ، وقد سبق أنّ كلّ آية فيها : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) (البقرة : ٢١) لأهل مكة ، وحكمة ذلك [١١٤ / أ] أنه يأتي بعد (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الأمر بأصل الإيمان ، ويأتي بعد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الأمر بتفاصيل الشريعة ، وإن جاء بعدها الأمر [بالإيمان] (٤) كان من قبيل الأمر بالاستصحاب. وقوله [تعالى] (٤) (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) (النور : ٣١) قيل : يرد الخطاب بذلك باعتبار الظاهر عند المخاطب ؛ وهم المنافقون ؛ فإنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان ، كما قال سبحانه : (قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (المائدة : ٤١). وقد جوّز الزمخشري في تفسير سورة المجادلة في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ (٥) [فَقَدِّمُوا
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (وإنما صرح).
(٣) راجع ١ / ٢٤٢ من هذا الكتاب.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة ، وقول الزمخشري لم نجده عند تفسير هذه الآية وإنما في قوله