وروى البيهقي (١) من حديث ابن عمر : «من قرأ القرآن فأعرب في قراءته كان له بكلّ حرف عشرون حسنة ، ومن قرأ (٢) بغير إعراب كان له بكلّ حرف عشر حسنات».
(مسألة) وأن (٣) يفصل كلّ سورة عما قبلها ، إما بالوقف أو التسمية ، ولا يقرأ من أخرى قبل الفراغ من الأولى ؛ ومنه الوقف على رءوس الآي ، وإن لم يتم المعنى (٤). قال أبو موسى المديني (٥) : «وفيه خلاف بينهم ؛ لوقفه صلىاللهعليهوسلم في قراءة الفاتحة [على] كلّ آية وإن لم يتم الكلام». قال أبو موسى : «ولأنّ الوقف على آخر السور لا شك في استحبابه ، وقد يتعلق بعضها ببعض ؛ كما في سورة الفيل مع قريش.
وقال البيهقي رحمهالله وقد ذكر حديث «كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقطّع قراءته [٧١ / أ] آية آية» (٦) : ومتابعة السنّة أولى فيما ذهب إليه أهل العلم بالقراءات من تتبع الأغراض والمقاصد.
ومنها أن يعتقد جزيل ما أنعم الله عليه إذ أهّله لحفظ كتابه ويستصغر عرض الدنيا أجمع في جنب ما خوّله الله تعالى ، ويجتهد في شكره. ومنها ترك المباهاة فلا يطلب به الدنيا ؛ بل ما عند الله ؛ وألاّ يقرأ في المواضع القذرة ، وأن يكون ذا سكينة ووقار ، مجانبا للذنب (٧) ، محاسبا نفسه ، يعرف القرآن في سمته وخلقه ؛ لأنه صاحب كتاب الملك والمطلع على وعده ووعيده ، وليتجنب القراءة في الأسواق ، قاله الحليميّ (٨) ، وألحق به الحمام ، وقال النووي : «لا بأس به في الطريق سرّا حيث لا لغو فيها» (٩).
(مسألة) عدّ الحليميّ (١٠) من الآداب ترك خلط سورة بسورة ، وذكر الحديث الآتي ، قال البيهقيّ : وأحسن ما يحتجّ به أن يقال : إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في شعب الإيمان (كنز العمال ١ / ٥٣٣).
(٢) في المطبوعة (قرأه).
(٣) في المخطوطة (وإنما).
(٤) في المخطوطة (الكلام).
(٥) هو محمد بن عمر بن أحمد الحافظ أبو موسى ابن المديني الأصبهاني الشافعي أوحد وقته ، وشيح زمانه إسنادا وحفظا ، سمع من أبي سعد محمد بن محمد المطرز وله تصانيف هامة منها «اللطائف في المعارف» ت ٥٨١ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٤ / ٩٠).
(٦) تقدم تخريج الحديث في ١ / ٥٠٥.
(٧) في المخطوطة (الكذب).
(٨) الحليمي المنهاج في شعب الإيمان ٢ / ٢١٢ و ٢٥٨.
(٩) النووي التبيان في آداب حملة القرآن : ٤٢ الباب السادس في آداب القرآن.
(١٠) في المنهاج ٢ / ٢٣٨.