عاقه عن هزّها منفردا |
|
نقرس أخنى عليه فاتّكا |
من وزير فيهم رقّاصة |
|
قام للسّكر يناغي ملكا |
أنا لو كنت كما تعرفني |
|
قمت إجلالا على رأسي لكا |
قهقه الإبريق منّي ضاحكا |
|
ورأى رعشة رجلي فبكى |
قال ابن ظافر : وهذه قطعة مطبوعة ، وطرفها الأخير واسطتها ، وكان حاضرهم ذلك اليوم رجل بغدادي يعرف بالفكيك (١) ، حسن النادرة سريعها ، وكان ابن شهيد استحضره إلى المنصور فاستطبعه ، فلما رأى ابن شهيد يرقص قائما مع ألم المرض الذي كان يمنعه من الحركة قال : لله درّك يا وزير! ترقص بالقائمة ، وتصلّي بالقاعدة ، فضحك المنصور ، وأمر لابن شهيد بمال جزيل ، ولسائر الجماعة ، وللبغدادي.
وقال ابن بسام (٢) : حدّث أبو بكر محمد بن أحمد بن جعفر بن عثمان المصحفي قال: دخلت يوما على أبي عامر بن شهيد ، وقد ابتدأت علّته التي مات بها ، فأنس بي ، وجرى الحديث إلى أن شكوت له تجنّي بعض أصحابي (٣) عليّ ، ونفاره عنّي ، فقال لي : سأسعى في إصلاح ذات البين ، فخرجت عنه ، واتّفق لقائي لذلك المتجني عليّ مع بعض أصحابي وأعزّهم عليّ ، فلمّا رآني ذلك الصديق مولّيا عنه أنكر عليه ، وسأله عن السبب الموجب ، فأخبره ، وزادا في مشيهما حتى لحقا بي ، وعزم عليّ في مكالمة صاحبي ، وتعاتبنا عتابا أرقّ من الهواء ، وأشهى من الماء على الظّماء ، حتى جئنا دار أبي عامر ، فلما رآنا جميعا ضحك وقال : من كان الذي تولّى إصلاح ما كنّا سررنا بفساده؟ قلنا : قد كان ما كان ، فأطرق قليلا ثم أنشد:[المنسرح]
من لا أسمّي ولا أبوح به |
|
أصلح بيني وبين من أهوى |
أرسلت من كابد الهوى فدرى |
|
كيف يداوي مواقع البلوى |
ولي حقوق في الحبّ ثابتة |
|
لكنّ إلفي يعدّها دعوى |
وقد ذكرنا في هذا الكتاب من غرائب أبي عامر بن شهيد في مواضع متفرّقة الغرائب ، وقدّمنا في الباب الرابع حكايته مع المرأة الداخلة في رمضان لجامع قرطبة وحكيناها هناك بلفظ «المطمح» فلتراجع.
__________________
(١) انظر ص (٩٣)! من هذا الجزء.
(٢) انظر بدائع البداءة ج ٢ ص ١٠٦.
(٣) في ه ، والبدائع «مع بعض إخواني».