وقال أبو بكر بن الجزار السرقسطي : [الطويل]
ثناء الفتى يبقى ويفنى ثراؤه |
|
فلا تكتسب بالمال شيئا سوى الذكر |
فقد أبلت الأيام كعبا وحاتما |
|
وذكرهما غضّ جديد إلى الحشر (١) |
وقال الأديب أبو عبد الله الجذامي : كان لشخص من أصحابنا قينة ، فبينما هو ذات يوم قد رام تقبيلها على أثر سواك أبصره بمبسمها إذ مرّ فوّال ينادي على فول يبيعه ، قال : فكلّفني أن أقول في ذلك شيئا ، فقلت : [الطويل]
ولم أنس يوم الأنس حين سمحت لي |
|
وأهديت لي من فيك فول سواك |
ومرّ بنا الفوّال للفول مادحا |
|
وما قصده في المدح فول سواك |
وشرب يوما أبو عبد الله المذكور عند بعض الأجلّة وذرعه القيء ، فارتجل في العذر : [الطويل]
لا تؤاخذ من أخلّ به |
|
قهوة في الكاس كالقبس |
كيف يلحى في المدام فتى |
|
أخذته أخذ مفترس (٢) |
دخلت في الحلق مكرهة |
|
ضاق عنها موضع النّفس |
خرجت من موضع دخلت |
|
أنفت من مخرج النجس |
وجلس سلمة بن أحمد إلى جنب وسيم يكتب من محبرة فانصبّ الحبر منها على ثوب سلمة ، فخجل الغلام ، فقال سلمة : [الكامل]
صبّ المداد وما تعمّد صبّه |
|
فتورّد الخدّ المليح الأزهر |
يا من يؤثّر حبره في ثوبنا |
|
تأثير لحظك في فؤادي أكبر |
وكان لأبي الحسن بن حزمون (٣) بمرسية محبوب يدعى أبا عامر ، وسافر أبو الحسن ، فبينما هو بخارج ألمرية إذ لقي فتى يشبه محبوبه ، وسأله عن اسمه ، فأخبره بأنه يدعى أبا عامر ، فقال أبو الحسن في ذلك : [المتقارب]
إلى كم أفرّ أمام الهوى |
|
وليس لذا الحبّ من آخر |
وكيف أفرّ أمام الهوى |
|
وفي كلّ واد أبو عامر (٤) |
__________________
(١) إلى الحشر : أراد إلى يوم القيامة والحساب.
(٢) يلحى : يلام.
(٣) انظر زاد المسافر ص ٦٤.
(٤) لعله أخذ الشطر الثاني من البيت من قولهم «في كل واد أثر من ثعلبة».