وهذا بخلاف فعل العبد المختار ؛ فإنه وإن لم تكن قدرته مؤثرة فى إيجاده. غير أنه قائم بمحل قدرته ، وواقع على وفق إيثاره وإرادته ؛ وهو معنى كونه مقدورا له.
وعن الثالث : بما سنذكره فى امتناع مخلوق بين خالقين (١) ، وعن المعارضة.
أما الشبه العقلية : فما نذكره فى الرد على كل (٢) فريق من المخالفين بجهة التفصيل فى موضعه.
وأما ما ذكروه من الآيات : فظاهرة غير قطعية ، والتمسك (٣) بالظاهر فى موضع القطع ، واليقين غير مفيد ، ثم هى مؤولة ، ومعارضة :
أما التأويل : فإنه (٤) قد أمكن حمل ما ذكروه على غير الخلق بمعنى الإيجاد والاختراع ؛ فيجب الحمل عليه عملا بما ذكرناه من الدليل العقلى ، وبما نذكره من النقل أيضا.
أما قوله ـ تعالى ـ : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (٥) / فلا حجة فيه.
قولهم : إنه صريح فى إثبات خالقين عنه جوابان :
الأول : أنه أمكن حمل الخالقين على المقدرين ، ويكون معنى الآية فتبارك الله أحسن المقدرين ؛ ونحن لا نمنع من كون العبد يسمى خالقا ، بمعنى كونه مقدرا ؛ كما حققناه فى المسألة الأولى.
الثانى : هو أن الخلق قد يطلق ويراد به الإيجاد ، والاختراع ، وقد يطلق ويراد به التقدير ، وقد يطلق ويراد به الكذب ؛ على ما حققناه فى المسألة الأولى.
وأحسن معانى الخلق إنما هو الإيجاد ، والاقتدار على الاختراع.
وعند ذلك : فأمكن أن يكون المراد بقوله ـ تعالى ـ (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) أنه مختص بأحسن معانى الخلق ، وهو الإيجاد ، والاختراع ، ويجب الحمل عليه عملا بما ذكرناه من الدليل العقلى.
__________________
(١) انظر ل ٢١٧ / ب وما بعدها.
(٢) ساقط من ب.
(٣) فى ب (هو التمسك).
(٤) فى ب (فلأنه).
(٥) سورة المؤمنون ٢٣ / ١٤.