العموم مخصصا ؛ فهو خلاف الدليل ، ويجب حمله على غير محل التخصيص مطلقا ؛ تعليلا لمخالفة الدليل.
وأيضا قوله : ـ تعالى ـ : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) (١). وقوله ـ تعالى ـ (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) (٢). ذكر ذلك فى معرض الثناء على أرباب هذه الدعوات ، ولو لم يكن الزيغ والغل ، مخلوقا لله ـ تعالى ـ على رأى من يرى أن صدور ذلك من الله ـ تعالى ـ ممتنع ، لكونه ظلما ـ لما كان لسؤاله فى دفع ما لا يقدر عليه ، ولا (٣) هو مخلوق له (٣) معنى.
ولا يمكن حمل هذه الدعوات على خلق الألطاف التي يعلم الله ـ تعالى ـ أمن الراغبين عندها من هذه الأمور ؛ إذ هو تجوز ، وترك للظاهر من غير دليل.
وأيضا : قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤). وهو دليل على كون الضحك والبكاء ، مخلوقا لله ـ تعالى ـ ؛ فيكون حجة على من قال : هو مخلوق للعبد. وحمل ذلك على خلق الأسباب الموجبة للإضحاك ، والإبكاء ، ترك للظاهر من غير دليل ؛ فلا يسمع.
وأيضا : قوله ـ تعالى ـ : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (٥) : أى نخلقها ؛ فدل على أن كل مصيبة مخلوقة لله ـ تعالى ـ وذلك يعم الكفر ، والمعاصى ، وكل مصيبة قيل إنها مخلوقة لله ـ تعالى ـ إلى غير ذلك من الآيات ، والظواهر ، ثم العمل بما ذكرناه أولى ؛ لاعتقاده بالدليل العقلى ، ومخالفته لما ذكروه.
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ / ٨.
(٢) سورة الحشر ٥٩ / ١٠.
(٣) (ولا هو مخلوق له) ساقط من ب.
(٤) سورة النجم ٥٣ / ٤٣.
(٥) سورة الحديد ٥٧ / ٢٢.