وإن سلم انحصار الجهات المؤثرة فيما ذكرتموه : فلم كانت العقول المعلولة منحصرة فى عشرة؟ والأفلاك ، ونفوسها فى تسعة؟ ولم لا كانت أكثر من ذلك ، أو أقل؟
وإن سلم لزوم الحصر فيما ذكرتموه : فلم كان اختصاص كل عقل بما صدر عنه ، أو من غيره من العقول؟ ولم كان العقل الفعال بما صدر عنه أولى من غيره؟ وما صدر عن غيره أولى به من العقل الفعال؟.
فلئن قلتم : إن العقول وإن اتحدت اسما ، فمختلفة نوعا ، فلذلك كان اختلاف تأثيرها ، فتحتاجون إلى بيان الاختلاف بالنوعية.
ثم إذا قيل ذلك فى العقول ؛ فما المانع من أن يقال مثله فى النفوس الفلكية ، والأجرام الفلكية؟ وأن كل نفس معلولة لنفس ، وأن كل فلك معلول لفلك ، وأن الأنفس الإنسانية صادرة عن الأنفس الفلكية ، والأجسام العنصرية صادرة عن الأجسام الفلكية ؛ بل أولى ؛ لأنكم راعيتم المناسبة بين العلة ، والمعلول.
ولا يخفى أن المناسبة بين النفوس / والنفوس ، والأجسام ، والأجسام ؛ أقرب منها بين العقول والنفوس ، والعقول والأجرام.
فهذه كلها إلزامات لازمة ، وإشكالات مشكلة ، لا جواب عنها ، إلا بمحض التحكم الّذي تأباه الفطر المستقيمة ، وتنفر عن مثله العقول السليمة.
وأما إبطال قولهم بالعقول ، والنفوس الفلكية : فسيأتى فى (١) موضعه إن شاء الله ـ تعالى.
__________________
(١) انظر الجزء الثانى ص ١١٤ وما بعدها.