وما ذكرتموه من الجهات ، والصفات التى هى مبدأ الكثرة فى المعلول الأول : إما أن تكون هى نفس ذاته ، أو زائدة عليها.
فإن كان الأول : فلا تعدد ، ولا كثرة فى غير التسمية.
وإن كان الثانى : فإما أن تكون وجودية ، أو غير وجودية.
فإن كانت وجودية : فإما أن لا تفتقر إلى علته ، أو تفتقر.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كانت واجبة الوجود عندكم ، وخرجت عن أن تكون من الصفات ضرورة افتقار / الصفة إلى الموصوف.
كيف وأن (١) ذلك مما يفضى إلى التعدد فى نوع واجب الوجود ، ولم يقولوا به.
وإن كانت مفتقرة إلى علة (٢) : فالعلة : إما ذات الموصوف بها ، أو واجب الوجود ؛ لأن ما عدا ذلك من توابعها ؛ فلا يكون علة لها.
لا جائز أن تكون هى ذات الموصوف بها : لأنه بسيط قابل لها. والقابل عندكم ليس هو الفاعل ، ولأنه يلزم منه أن تكون ذات المعلول الأول قد صدر عنها أكثر من أربعة أشياء ، ولم يقولوا به.
وإن كان علتها هو ذات واجب الوجود : فقد صدرت عنه الكثرة ؛ ولم يقولوا به.
هذا كله : إن كانت الجهات التى هى مبدأ الكثرة وجودية ، وإن كانت غير وجودية : كالسلوب ، والإضافات ؛ فلا يمكن صدور الكثرة عنها ؛ لأن ما ليس بوجود (٣) ، لا يكون سببا للوجود كما تقدم. وإن كانت سببا للوجود : فلا مانع من صدور الكثرة عن واجب الوجود باعتبارها ؛ لاتصافه بالصفات السلبية والإضافية ، كما ذكرتموه.
ثم وإن كان الأمر على ما قيل ؛ فالمعلول الأول أيضا متصف بصفات أخرى إضافية وسلبية ، ككونه مبدأ لغيره ، وعالما بمعلوله ، ومجردا عن المادة ، وعلائقها ؛ فلم لا كانت هذه الجهات أيضا مصدرا للكثرة؟ أو أن يصدر عنها ، ويسببها زيادة على ما صدر عن غيرها؟
__________________
(١) فى ب (فإن ذلك).
(٢) فى ب (العلة).
(٣) فى ب (بموجود).