فإن كان الأول : فيلزم أن يكون كل نور واجبا لذاته ؛ وهو محال. وإلا لما كان نورا قابلا للعدم ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فإما أن يكون جوهرا ، أو عرضا ، أو شيئا ليس بجوهر ، ولا عرض.
لا جائز أن يقال بالأول والثانى : لما سلف فى إبطال التشبيه (١). فلم يبق إلا الثالث ؛ وهو المعنى بالإله ـ تعالى.
وعند ذلك : فلا نسلم امتناع صدور جميع الموجودات عنه من غير واسطة الظلمة كما أسلفناه.
فإن قالوا : إنا صادفنا فى العالم خيرا ، وشرا. والنور خير محض ، فلا يكون الشر صادرا عنه ؛ فلا بد من شيء يكون صدور الشر عنه ؛ وذلك هو الظلمة.
فنقول : القول بالخير والشر مبنى على التحسين والتقبيح الذاتى ؛ وهو ممتنع بما سلف فى التعديل ، والتجوير (٢) وبتقدير كون الشر ذاتيا ؛ فلا مانع من صدوره عن النور على مذهبهم ؛ وذلك لأن الشر الموجود فى العالم لا يمكن أن يكون واجبا بنفسه ؛ ضرورة حدوثه عندهم.
وإن كان ممكنا : فلا بد له من علة : وهو إما أن يكون مستندا إلى النور ، أو الظلمة كما قالوه.
فإن كان الأول : فقد لزم صدور الشر عن النور.
وإن كان الثانى : فالظلمة ليست واجبة لذاتها ضرورة اعترافهم بحدوثها فهى ممكنة ، ولا بد لها من علة موجبة لها ، وتلك (العلة) (٣) إما أن تكون هى / النور ، أو ما صدر عن النور ؛ ضرورة عدم قديم (٤) سواه (٤).
فإن كان الأول : فقد صدرت الظلمة ، وهى شر عن النور.
__________________
(١) انظر ل ١٤٢ / أوما بعدها.
(٢) انظر ل ١٧٥ / أوما بعدها.
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (قدم ما سواه).