الأول : أنه لا معنى لتعلق القدرة بالفعل الحادث غير تأثيرها فى إيجاده : فلو كانت متعلقة به وقت وجوده ؛ لكان ذلك إيجادا للموجود ؛ وهو ممتنع ؛ فإن الموجود إذا تحقق ؛ استقل بنفسه ، واستغنى عن تعلق القدرة به.
الثانى : هو أن القدرة ممتنعة التعلق بالباقى حالة بقائه : وإنما كان ذلك ممتنعا ؛ لكون الباقى متحقق الوجود ، والحادث حال حدوثه متحقق الوجود ؛ فلا تكون القدرة متعلقة به.
الثالث : هو أن وجود الباقى ، هو نفس الوجود فى وقت الحدوث ؛ فلو كانت القدرة متعلقة به فى وقت الحدوث ؛ لكانت متعلقة به فى حالة البقاء ؛ لاتحاد المتعلق وامتناع تأثير تعاقب الأوقات فى أحكام الأنفس ؛ واللازم ممتنع ؛ فالملزوم ممتنع.
الرابع : أنه لو كان حدوث الفعل ووجوده حال وجوده مشروطا بتعلق القدرة به حال وجوده ؛ للزم طرد هذا الشرط في كل ما هو من جنسه من أفعال الله ـ تعالى ـ ويلزم من ذلك امتناع وجود مثل مقدور العبد ، ضرورة فوات شرطه على ما تقرر فى بيان كون الله ـ تعالى ـ قادرا ، لا بقدرة ؛ وذلك ممتنع.
الخامس : هو أنكم معاشر الأشاعرة أثبتم لله ـ تعالى ـ قدرة قديمة أزلية ، وقضيتم بأنه لا بد لها من مقدور تتعلق به فى الأزل ، وأحلتم (١) إمكان المقدور أزلا ، ولا بد وأن تكون القدرة القديمة ، متعلقة بمقدورها قبل وقت حدوثه ، ولو كان ذلك ممتنعا في القدرة الحادثة ؛ لكان ممتنعا فى القدرة القديمة أيضا.
السادس : هو أن الاتفاق من الأمة واقع ، على أن المكلف مأمور بالإيمان حالة كفره ، فلو لم يكن قادرا عليه حالة الأمر ، لكان مأمورا بما لا يقدر عليه ، ولو ساغ ذلك ، لساغ التكليف بكل ما لا يقدر عليه من الجواهر ، والأعراض ؛ وهو محال.
السابع : هو أن أقوى أعذار المكلف ، التى يجب قبولها ، لدفع المؤاخذة عنه ، كون ما كلف به غير مقدور له ؛ فإذا كان المكلف بالفعل ـ قبل الفعل ـ غير قادر عليه ؛ وجب رفع المؤاخذة عنه ، بعدم الفعل المكلف به ؛ وهو خلاف الإجماع من الأمة ؛ وهذا المحال / إنما لزم من امتناع تقدم (٢) القدرة ؛ فيكون ممتنعا (٢).
__________________
(١) فى ب (واحللتم).
(٢) فى ب (تعلق القدرة عليه فيكون محالا).