قولهم فى الشبهة الأولى : أنه لو لم يكن قادرا على ضد المقدور ؛ لكان مضطرا إلى المقدور المتعين.
قلنا : عن جوابان.
الأول : إن عنيتم بكونه مضطرا أن فعله غير مقدور ؛ فممنوع. وإن عنيتم بكونه مضطرا أن مقدوره ، ومتعلق قدرته متعين ، وأنه لا مقدور له بهذه القدرة سواء ؛ فهذا هو عين ما رمناه ، ولا منازعة فى التسمية. وعلى هذا فقد بطل القول بعدم التفرقة. حيث أن ما نحن فيه مقدور بقدرة ، والفعل الاضطرارى : غير مقدور بقدرة ، وإن وقع التساوى بينهما من جهة عدم الانفكاك.
ولهذا : من أحاط به بناء من جميع جوانبه ، وهو حاجز له عن التقلب فى باقى جهاته ؛ فإنه قادر على الكون فى مكانه بالإجماع منا ومن المعتزلة ، وإن كان لا يجد إلى الانفكاك عن مقدوره سبيلا.
الثانى : وإن سلمنا أن القادر على الشيء ، لا بد وأن يكون قادرا على ضده ، ولكن لم قلتم باتحاد القدرة المتعلقة بهما؟ وما المانع من تعدد القدرة بتعدد المقدور؟
وأما الشبهة الثانية : فجوابها من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه وإن كان العاجز عن القيام عاجزا عن القعود ؛ فلا نسلم أنه بعجز واحد ، ليلزم مثله فى القدرة.
ولو قيل : ما المانع من تعدد العجز بتعدد المعجوز عنه؟
لم يجدوا إلى دفعه سبيلا.
ولهذا ، فإنه يتصور العجز عن أحدهما ، دون الآخر.
الثانى : وإن سلمنا أن العجز عن القيام والقعود واحد ، ولكن لا يخفى أن إلحاق القدرة بالعجز ، تمثيل من غير دليل جامع ؛ فلا يصح.
الثالث : الفرق : وهو أن العجز عن القيام والقعود ، معنى يترتب عليه المنع من القيام والقعود ، والمنع من القيام ، والمنع. من القعود مجتمعان (١) ؛ فى مقارنة العجز ؛
__________________
(١) فى ب (ويجتمعان).