يكون مثل فلان وهو ظاهر في كراهية الترك من ذلك الفلان وغيره.
فالحاصل أن هذا القسم الذي هو مظنة للمشقة عند الدوام ، مطلوب الترك لعلة كثرته ففهم عند تقريره أنها إذا فقدت زال طلب الترك وإذا ارتفع طلب الترك رجع إلى أصل العمل ـ وهو طلب الفعل ـ.
فالداخل فيه على التزام شرطه داخل في مكروه ابتداء من وجه ، لإمكان عدم الوفاء بالشرط ، وفي المندوب إليه حملا على ظاهر العزيمة على الوفاء.
فمن حيث الندب أمره الشارع بالوفاء ، ومن حيث الكراهية كره له أن يدخل فيه.
وحين صارت الكراهة هي المقدمة كان دخوله في العمل لقصد القربة يشبه الدخول فيه بغير أمر ، فأشبه المبتدع الداخل في عبادة غير مأمور بها ، فقد يستسهل بهذا الاعتبار إطلاق البدعة عليها كما استسهله أبو أمامة رضي الله عنه.
ومن حيث كان العمل مأمورا به ابتداء قبل النظر في المال ، أو مع قطع النظر عن المشقة ، أو مع اعتقاد الوفاء بالشرط ، أشبه صاحبه من دخل في نافلة قصدا للتعبد بها ، وذلك صحيح جار على مقتضى أدلة الندب ، ولذلك أمر بعد الدخول فيه بالوفاء ، كان نذرا أو التزاما بالقلب غير نذر ، ولو كان بدعة ، داخلة في حد البدعة لم يؤمر بالوفاء ، ولكان عمله باطلا.
ولذلك جاء في الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى رجلا قائما في الشمس ، فقال : «ما بال هذا؟» فقالوا : نذر أن لا يستظل ولا يتكلم ولا يجلس ويصوم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «مروه فليجلس وليتكلم وليستظل ، وليتم صيامه» (١).
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الأيمان والنذور ، باب : النذر فيما لا يملك وفي معصية (الحديث : ١١ / ٥١٢). وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب : الأيمان والنذور ، باب : ما لا يجوز من النذور في معصية الله (الحديث : ٢ / ٤٧٥). وأخرجه أبو داود في كتاب : الأيمان والنذور ، باب : ما جاء في النذر في المعصية (الحديث : ٣٣٠٠).