الواجبات ، وإنكار ما جاء به الرسول كأكثر الغلاة في الشيعة ، مما لا يختلف المسلمون في التفكير به ، وما سوى ذلك من المقالات فلا يبعد أن يكون معتقدها غير كافر.
واستدلّ على ذلك بأمور كثيرة لا حاجة إلى إيرادها ولكن الذي كنا نسمعه من الشيوخ أن مذهب المحققين من أهل الأصول إن الكفر بالمآل ، ليس بكفر في الحال ، كيف والكافر ينكر ذلك المآل أشد الإنكار ويرمي مخالفه به تبين له وجه لزوم الكفر من مقالته لم يقل بها على حال.
وإذا تقرر نقل الخلاف فلنرجع إلى ما يقتضيه الحديث الذي نحن بصدده من هذه المقالات.
أما ما صح منه فلا دليل على شيء ، لأنه ليس فيه إلا تعديد الفرق خاصة. وأما على رواية من قال في حديثه : «كلها في النار إلا واحدة» (١) فإنما يقتضي إنفاذ الوعيد ظاهرا ، ويبقى الخلود وعدمه مسكوتا عنه ، فلا دليل فيه على شيء مما أردنا ، إذ الوعيد بالنار قد يتعلق بعصاة المؤمنين كما يتعلق بالكفار على الجملة ، وإن تباينا في التخليد وعدمه.
المسألة الرابعة :
إن هذه الأقوال المذكورة آنفا مبنية على أن الفرق المذكورة في الحديث هي المبتدعة في قواعد العقائد على الخصوص ، كالجبرية والقدرية والمرجئة وغيرها وهو مما ينظر فيه ، فإن إشارة القرآن والحديث تدل على عدم الخصوص ، وهو رأي الطرطوشي ، أفلا ترى إلى قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) الآية ، وما في قوله تعالى : (ما تَشابَهَ) (٢) لا تعطى خصوصا في اتباع المتشابه لا في قواعد العقائد ولا في غيرها ، بل الصيغة تشمل ذلك كله ، فالتخصيص تحكّم.
__________________
(١) تقدم تخريجه ص : ٣٤٩ ، الحاشية : ١.
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ٧.