الأهواء وأصحاب البدع وأصحاب الضلالة من هذه الأمة» (١) الحديث الذي تقدم ذكره.
قال : فيجب على ذي عقل ودين أن يجتنبها ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (٢) فإذا اختلفوا وتعاطوا ذلك ، كان لحدث أحدثوه من اتباع الهوى.
هذا ما قاله ، وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحابّ والتراحم والتعاطف ، فكل رأي أدّى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ، وهذه الخاصية قد دلّ عليها الحديث المتكلّم عليه ، وهي موجودة في كل فرقة من الفرق المتضمنة في الحديث.
ألا ترى كيف كانت ظاهرة في الخوارج الذين أخبر بهم النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان» (٣) وأي فرقة توازي هذه الفرقة التي بين أهل السلام وأهل الكفر؟ وهي موجودة في سائر من عرف من الفرق أو ادّعي ذلك فيهم ، إلا أن الفرقة لا تعتبر على أي وجه كانت ، لأنها تختلف بالقوة والضعف.
وحيث ثبت أن مخالفة هذه الفرق من الفروع الجزئية باب الفرقة ، فلا بدّ يجب النظر في هذا كله.
والخاصية الثانية : هي التي نبه عليها قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) (٤) الآية ، فبينت الآية أن أهل الزيغ يتبعون متشابهات القرآن ، وجعلوا ممن شأنه أن يتبع المتشابه لا المحكم.
__________________
(١) عزاه في مجمع الزوائد للطبراني في الصغير. وأخرجه في مجمع الزوائد (٧ / ٢٢).
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٣.
(٣) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.
(٤) سورة : آل عمران ، الآية : ٧.